في «تويتر» نشر أحد الأحبة من هواة جمع الأرشيف الصحافي مقالا لي يعود إلى العام 1985 يتحدث عن «الغلقة» وهي كلمة خليجية تعني الملل المشوب بالحزن والإحساس بالضيق، وقد وصف المقال الغلقة بانها ظاهرة كويتية نتجت عن حالة الاختناق الاجتماعي، وغياب الأنشطة الاجتماعية المتعلقة بالترفيه، في وقت كانت مظاهر الانفتاح الاجتماعي تنحسر عن وجه المجتمع على مختلف الصعد، وفي الوقت ذاته كانت مظاهر الانغلاق تتمدد بسرعة لافتة، وكأن البلاد صارت تحت سحب داكنة حجبت ضوء الشمس.
****
للخروج من هذه الحالة التي تسببت في توتير وتأزيم المجتمع وكتمت أنفاس الناس، اقترحت في ذلك المقال المكتوب قبل اكثر من 30 عاما تقسيم المدينة إلى قسمين، الأول يستجيب لرغبات المحافظين المتشددين الذين يرون في الترفيه خروجا عن الشريعة، فيمنعون الحفلات وسائر مناشط الفرح والترفيه البريء في القسم التابع لهم.
أما القسم الثاني فيخصص للمتحررين المؤمنين بأن الدين لا يعني مغادرة الدنيا، فيعمرون القسم الخاص بهم على نحو يتناسب وأفكارهم الانفتاحية، وهكذا لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم حيث يزهد «عمر» حسبما يشاء، ويهنأ «زيد» مثلما يشتهي.
****
لو تم الأخذ بذلك المقترح الذي بدا في ذلك الزمن على أنه مقترح «حملنتيشي» ساخر، لوفرنا على انفسنا وعلى بلادنا أكثر من ربع قرن من السجال والتوتر والضيق والتناحر والخلاف بين طريقتين مختلفتين في المعيشة (لا بين مسلمين وكفرة) فلا يقوم المتشدد «عمر» بإجبار الليبرالي «زيد» على العيش وفق أسلوبه بالحياة، ولا يضطر الثاني لمجاملة الأول، فيحرص على السفر ليمارس حياته خارج بلاده بالأسلوب البريء الذي يريده.
ذلك أنه يفترض أن توافر الخيارات في المجتمع يحد أو يمنع التضييق على خلق الله وهم يعيشون حسب توهمهم في (دولة ديموقراطية)؟ وكيف تكون ديموقراطية لا تعددية اجتماعية فيها؟!
www.salahsayer.com
salah_sayer@