في الماضي القريب لم تكن كلمة «بدو» تستعمل في الكويت على النحو المستعمل اليوم، فقد كان استعمال الكلمة يتم بصورة (رمزية) ليس لها معادل في الواقع المعيش الذي يخلو من مظاهر العيش في البادية، فلا بدو ولا هم يترحلون.
ومثلما عزف البحارة عن ركوب سفينتهم الشراعية بعد اكتشاف النفط، ترجل البدو عن سفينة الصحراء وأقاموا في الضواحي السكنية التي عرفتها الكويت في فترة باكرة من عمر النهضة الحديثة والتي صاحبها انتشار التعليم وتوافر العمل في الدوائر الرسمية، وسوى ذلك من أوجه الحياة المتناقضة مع حياة البدو الرحل.
> > >
غير ان حاضرنا لا يشبه ماضينا، فقد تحولت كلمة «بدو» لتصبح في ذهنية البعض ثقافة مغايرة، وخصوصية ينبغي الدفاع عنها وتأكيدها، وفصلها عن الثقافة الحضرية! ليبدو الأمر وكأنه لعبة خداع بصر من ألعاب السحرة التي تجعل الناس يتوهمون حالة لا وجود لها في الواقع، بل من المستحيل توافرها اليوم بعد ان فقدت عناصر تكوينها وتشكيلها، وتغير الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والعيش في حواضر الدولة المدنية الحديثة التي تقوم على أساس المواطنة واحترام القانون، لا على العصبية القبلية.
> > >
تبدو المشكلة أكثر فداحة لدى الشبان الصغار الأغرار في بلادنا من الذين يتوهمون البداوة ويتخيلونها بصورة وردية (ربابة وفنجان قهوة وصقر) وذلك أمر يتنافى والحقيقة الصعبة.
فلو اننا عدنا اليوم إلى الحياة البدوية، لتعرض الكثيرون للسلب والنهب او القتل أو الإقصاء الاجتماعي.
وأختتم بحكاية (تكفون) التي تتناقض والممارسة الديموقراطية الحقة، والتي حاول البعض ان يبررها كقيمة بدوية تمثل (الفزعة) وغاب عن ذهنه ان المجتمع الكويتي عرف الفزعة الوطنية التي هي أعمق من (الفزعات العصبوية) حين تنادى القوم من جميع القبائل والمذاهب والأعراق لبناء سور الكويت الثالث.
www.salahsayer.com
salah_sayer@