«من قرصته الحيّة يخاف من الحبل» هذا المثل المعروف في مجتمعاتنا ينطبق على تطورات الأحداث في بعض الدول العربية، ومنها سورية التي دعم الناس ثورتها في البداية، ودعوا في صلواتهم من أجل نصرتها. وذلك أمر منطقي فطبيعة الناس مساندة الضعيف الذي لا حول له ولا قوة. وقد كان ذلك التعاطف والدعم والتأييد قبل أن ينقشع الغبار وينجلي الغموض عن مشهد الربيع العربي، وانكشاف سوءته للناظرين في أكثر من دولة عربية، حيث تبين للناس بعد ذلك أن ثمة من يسرق الثورات، وأن حسابات الحقل لم تتطابق مع حسابات البيدر. فدبت الشكوك والأسئلة، وهب العقل يصارع العاطفة.
***
في أكثر من دولة عربية شهدت ذلك الربيع المزعوم والمسموم حدث احتراب داخلي في الدولة، ونزاع بين الأهل، وشقاق بين الاخوة، وتبادل وجهات النظر عبر راجمات الصواريخ، والسبب معلوم ومرصود يتناقله شهود العيان وتعلنه الأخبار، ويتمثل في الجماعات الجهادية «الذراع العسكرية للإسلام السياسي» التي تلهث لتحقيق حلمها فيدفع المجتمع والدولة والأفراد ثمن خيبة الأمل وضياع الحلم. وقد حدث ويحدث ذلك في ليبيا وتونس ومصر، لهذا يخشى الجميع (محليا وإقليميا ودوليا) تكرار الأمر في سورية. كي لا تصبح مقولة «داعش باقية وتتمدد» حقيقة، ويمسي العالم وكأنه أطاح بالدويلة ليقيم الدولة!
***
بالطبع أنا مثلكم موجوع وحزين من أجل ما يحدث في سورية وعلى وجه الخصوص مدينة حلب والكوارث التي حلت بأهلها، ومثلكم أنادي بإسعاف الجرحى وتقديم الخدمات الإنسانية للنازحين، ومثلكم أطالب بإدانة السفاحين القتلة. بيد اني أشير إلى الحبل السوري الذي انعكس في العيون بصورة ثعبان، وأذكر تغريدة قرأتها في «تويتر» تقول: «إذا أردت أن تعرف حقيقة ما حدث في حلب فانظر إلى من نظم الاعتصام»! والمغرد يقصد الاعتصام الذي حدث في الكويت أمام السفارة الروسية والذي غلبت عليه الصبغة الأصولية. الأمر الذي يذكرنا بقول الشاعر طرفة بن العبد:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين بالمقارن يقتدي
وكان الله في عون الشعب السوري.
www.salahsayer.com
salah_sayer@