الخطاب الثوري أو غير التقليدي الذي ألقاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في يوم تنصيبه انطوى على إشارات كثيرة، منها ما هو غريب كالتقريع المباشر الذي نال النخبة السياسية وبحضورها عندما قال لها الرئيس «لن نقبل سياسيين يقولون ولا يفعلون»، قبل أن يحذرهم بعبارة «وقت الكلام انتهى»! ومن الإشارات ما هو خطير وله انعكاساته الاقتصادية كقوله «أميركا أولا»، أما الإشارة المرعبة التي انطوى عليها الخطاب فدعوته إلى «توحيد العالم المتحضر ضد الإرهاب الإسلامي المتطرف الذي سنزيله عن وجه الأرض».
> > >
حين يطلق رئيس أعظم دولة في العالم تهديدا كهذا ويصف الارهاب بالإسلامي في يوم تنصيبه فإن ذلك ينسجم تماما مع مقولات المحافظين الجدد، وحديثهم المتكرر عن العدو الجديد «بعد الشيوعية» المتمثل في الإسلام المتطرف، وهم يقصدون ما هو أبعد من «داعش»، وذلك ما مهدت له هوليوود في السنوات الأخيرة من خلال إنتاج العديد من الأفلام السينمائية التي تسعى إلى شيطنة الإسلام «مثلما فعلت مع النازية والشيوعية»، وأشير إلى آخر هذه الافلام الممنهجة، والذي يعرض حاليا في صالات السينما في جميع دول العالم، وهو فيلم Patriots Day الذي يعرض قصة الجريمة الارهابية «الحقيقية» التي ارتكبها شقيقان مسلمان في ماراثون بوسطن العام 2013.
> > >
رغم أن أكثر المسلمين لا يعيشون في المنطقة العربية، الا ان المرء يربط تلقائيا بين العرب والاسلام، فحين يقول الرئيس ترامب «الارهاب الاسلامي المتطرف»، فإن الانظار تتجه نحونا دون سائر المسلمين في اندونيسيا او ماليزيا او غيرها من الدول.
لذلك فإن الصمت الرسمي العربي عن هذه الاشارة الواردة في خطاب التنصيب يعكس حالة الوجوم التي أصابت العرب الذين تغافلوا طويلا عن القيام بمسؤولياتهم في تغيير الثقافة العربية والعمل الجاد في تجفيف منابع التطرف في الافكار قبل الأوكار. والله المستعان.
www.salahsayer.com
salah_sayer@