في سبيل مكافحة الإرهاب، هل يكفي أن يقوم المشايخ والمتخصصون في الفقه وسواهم من رجال الدين بالتحذير من الإرهاب؟ هل يكفي أن يحدثوا الناس من فوق المنابر أو عبر الميديا المختلفة عن سماحة الإسلام، وأن الجماعات الإرهابية من سائر المذاهب الإسلامية لا يمثلون حقيقة الإسلام، وأن التكفير والترويع والاعتداء على الأبرياء الآمنين ليس من الدين الحنيف؟ هل يكفي هذا كمعادل لما يقوم به مشايخ العنف والفتنة الذين حرضوا الشبان على الالتحاق بالأوكار الإرهابية وزينوا لهم الموت في الفعل القبيح؟ هل يكفي إجراء بسيط كهذا لكبح جماح «تسونامي» التطرف؟!
****
تجفيف منابع الإرهاب على ذلك النحو الرتيب والساذج أو حتى تحميل مشايخ الفتنة وزر انتشار الإرهاب تبسيط لمسألة معقدة. فليس لدى دعاة التطرف مصابيح سحرية ينطلق منها الجن لنشر أفكارهم بين الناس، فهم تواصلوا مع المجتمع وتمكنوا من التأثير على الأفراد عبر طرق معروفة مشهودة مرصودة مثل منابر المساجد والفضائيات والإذاعات والصحف والمدارس والجمعيات التعاونية والمبرات الخيرية والمخيمات الشبابية وجميعها تقع في دائرة سيطرة الحكومات التي غضت البصر طويلا عما يحدث في تلك المنصات والمضامير التي أسهمت كثيرا وعميقا في تحول المجتمعات العربية من حالة التسامح إلى حالة الكراهية.
****
جميع هذه التحولات البشعة والمرعبة حدثت تحت نظر الحكومات العربية التي غفلت عن أهمية نشر ثقافة التنوير مما مهد الأرض أمام المتطرفين لنشر أفكارهم الظلامية.
فالشيخ «الفتان» لن يؤثر في شاب واعٍ متزن يتمتع بالوعي الوطني والإنساني، تعلم من والده ضرورة احترام المرأة، كما تعلم من والدته نبذ الكراهية واحترام الآخر، وتلقى في المدرسة دروسا عن التسامح والقيم واحترام القانون، واعتاد على سماع الموسيقى ومشاهدة الفنون.
شاب رياضي شارك في المخيمات الكشفية ولم تتركه الدولة ولا أسرته وحيدا ليقع ضحية مخيمات الرعب التي تنظمها الجماعات المتطرفة.
www.salahsayer.com
salah_sayer@