توصف «العقوبة» بأنها الجزاء الذي يقرره القانون باسم المجتمع على من تثبت مسؤوليته عن ارتكاب جريمة، وينبغي أن تنطوي العقوبة على «إيلام قسري مقصود يحيق بالمذنب»، وذلك بحرمانه من بعض حقوقه التي يتمتع بها أو الانتقاص منها، مثل حق الإنسان في الحياة كما في حالة الحكم عليه بعقوبة الإعدام، أو الانتقاص من حقه في الحرية كما في حالة الحبس، أو حقه بالتملك مثل عقوبة الغرامة والمصادرة أو حرمانه من الحقوق السياسية والمدنية.
وذلك ما يحدث في معظم المجتمعات البشرية التي أدرك بعضها أن العقوبة لم تعد بهدف الانتقام بل أصبحت وسيلة إصلاح وعلاج للمذنبين.
****
العقوبة جزاء يقرره القاضي بيد أن هناك عقوبات يقضي بها أناس آخرون وتحدث خارج أروقة المحاكم وبعيدا عن القوانين المعروفة، كمثل الحبيبة حين تعاقب حبيبها بالصد والهجران.
ومع تطور القوانين وحقوق الإنسان أضحت العقوبات التي يقررها القاضي في المحكمة قابلة للاستئناف وبحضور محام عن المتهم، بيد أن العقوبات خارج المحكمة لا تقبل الاستئناف أو التمييز ولا يوجد محام يدافع عن المتهم، وأشهر هذه العقوبات تلك التي يوقعها أولياء الأمور بحق الأبناء في المنازل بسبب الإهمال أو الشقاوة، أو تلك التي يقضي بها الحكم في المباريات الرياضية.
****
الحبس داخل السجن عقوبة تنتقص من حق الإنسان في الحرية وفي حال عدم توافر السجون يتم ابتكار عقوبة أخرى غير الحبس وربما أشد منه وأقسى.
ففي حياة البدو الرحل لا تتوافر السجون، لهذا يكون النفي من القبيلة عقوبة شديدة الأذى والألم للمذنب، ذلك أن البدوي يحتمي بقبيلته وفي حالة النفي عنها يتم تجريده من الحماية ويكون عرضة لخطر اللصوص وقطاع الطرق.
ومن العقوبات الشهيرة في بعض المجتمعات العربية القديمة «التجريس»، حيث يقوم رجل الشرطة بوضع المذنب على ظهر حمار بالمقلوب ويجول به بين الأحياء وهو يدق الجرس للفت الانتباه، ومن الجرس اشتق اسم العقوبة «التجريس» وبمرور الوقت تطور المعنى الدلالي للكلمة فأصبحت تعني «الفضيحة» في اللهجات الشامية.
www.salahsayer.com
salah_sayer@