www.salahsayer.com
@salah_sayer
في غرب المملكة العربية السعودية، وتحديدا في محافظة العلا، وعندما كنا نقوم بتصوير حلقات «كشاف الخليج»، توقفنا عند «الطنطورة»، وتحدث عنها الكشاف، وهي ساعة شمسية عبارة عن جدار مرتفع له شكل هرمي، يعود إلى ازمنة قديمة، ويستعملها الأهالي لمعرفة الفصول، وتسعفهم حركة ظلها في تنظيم ري المزروعات، وتحديد الأنصبة بين المزارعين.
تذكرت تلك «الطنطورة» وأنا أجول في محل لبيع الساعات الثمينة قبل أيام، فسرحت أفكر في قصة «حساب الوقت» التي شغلت البشرية منذ القدم، بهدف تحديد المواقيت والاتفاق عليها.
***
حساب الوقت أو قياسه ضروري للإنسان كما الهواء والماء. فعلى سبيل المثال، كي نعرف «كم من الوقت» ينبغي ان نعمل لنحصل على الأجر المتفق عليه، فان ذلك يتطلب الاتفاق على تحديد قياس هذا الوقت الذي تتجلى أهميته في عالم الملاحة والجراحة والتخدير والرياضة والعبادة والحروب والصناعات والزراعة والاجتماعات ومواعيد الغرام. وقد شهدت آلات قياس الوقت متغيرات كثيرة، مثل الساعة المائية والرملية أو استعمال الشمع أو البخور ومراقبة كمية الاحتراق لمعرفة الوقت، أو مراقبة الظل في النهار بما يعرف بالساعة الشمسية أو المزولة.
***
في الأديرة والكنائس الأوروبية تعاون رجال الدين والحرفيون على تطوير الساعة الميكانيكية، فتمت صناعة ساعات الجدران والأبراج، ثم اهتمت القصور في فرنسا بتطوير هذه الصناعة، وبعدها ألمانيا، ومنها انتقلت إلى لندن، ثم أصبحت سويسرا مركزا لصناعة الساعات في العالم، الذي عرف «ساعة الجيب»، وفي عام 1845 في مدينة غلاسهوته في ولاية سكسونيا الألمانية، قام الحرفي الماهر «فرديناند لانغه» بإنتاج ساعة متينة مكينة عرفت باسم A. Lange & Sohne وفي الحرب العالمية الثانية تعرض المصنع للتدمير فتوقف الإنتاج بعد هيمنة الشيوعيين على ألمانيا الشرقية وتأميم المصانع بما فيها مصانع الساعات.
***
بيد انه بعد سقوط جدار برلين، وإعادة توحيد ألمانيا، وانهيار الاتحاد السوفييتي، قام «فالتر لانغه»، حفيد الحرفي المؤسس، بالعودة الى مدينة غلاسهوته التي كانت تعتبر موطن صناعة الساعات في ألمانيا، وقرر إعادة الحياة إلى المصنع الذي أسسه الجد، فكان له ذلك بدعم من كبار صناع الساعات في سويسرا، وفي عام 1994 عاد الاسم الشهير إلى عالم الساعات الفخيمة والثمينة، مع الحفاظ على المبدأ الأساسي للمصنع، وهو الاهتمام الشديد بالتفاصيل الدقيقة للساعة، وتجميع الأجزاء الداخلية يدويا، ثم يتم تفكيكها قبل إعادة تجميعها ثانية لضمان جودتها ومتانتها، الأمر الذي جعلها شهوة القلوب وحلم المعاصم.