عاد «جون الكويت» إلى المشهد بعد نفوق بعض أنواع الأسماك في مياهه، وقد تسببت الرياح والتيارات بجرف الأسماك النافقة إلى الشطآن مما سبب فزعا لدى عموم الناس التي حاصرتها المعلومات الممزوجة بالإشاعات والأكاذيب. فتحدث البعض عن خطورة مجارير تصريف الأمطار وشبكة الصرف الصحي ونفايات السفن وانخفاض نسبة الأكسجين المذاب في الماء، كما تحدث البعض عن الملوثات الناتجة عن محطة التحلية التي وإن كانت تروي جفاف اليابسة فإنها تسهم، للأسف، في قتل الحياة البحرية. وكعادة الكويتيين في مقاربة قضاياهم تضيع الملامح الأساسية للقضية بين الحقيقة والخيال.
> > >
الجون شكل من أشكال المسطحات المائية على الأرض، وهو الخليج الصغير، والخلجان تجمعات مائية تربطها في البحر مضائق أو نحوها. ويكون الجون عادة تجويفا او شقا مائيا في اليابسة. ويطلق على بعضها اسم شرم مثل «شرم الشيخ» في مصر، ونقرأ في لسان العرب (شرم من البحر خليج منه) والجمع شروم. وأعود إلى جون الكويت الذي يتجاوز الجغرافيا الضيقة إلى التاريخ الفسيح في هذه البلاد الصغيرة التي ولدت من رحم الجون وكتبت تاريخها المجيد على ضفافه المباركة.
> > >
تأسست الكويت ونهضت في الماضي بفضل مينائها القديم الكائن في الضفة الجنوبية للجون والذي يعتبر ملاذا طبيعيا للسفن ومسرحا للعبقرية الكويتية التي صنعت اسطولا بحريا عظيما من السفن الخشبية على ضفاف جرداء (لا شجر فيها يوفر الأخشاب)، ومن هذا الجون الضحل وعبر الخليج العربي غير العميق والمحصور ايضا بين اليابسة، تمكن الأسطول الكويتي بقيادة الربابنة الكويتيين الأماجد من شق عباب البحار العميقة ومصارعة الأنواء العظيمة والوصول إلى المرافئ البعيدة في آسيا وأفريقيا وجلب السلع والأغذية وتصديرها إلى سائر المنطقة.. انه الجون ذاكرة الوطن المنسية.
www.salahsayer.com
@salah_sayer