www.salahsayer.com
salah_sayer@
التوسع العسكري العربي الذي حدث بعد الإسلام والذي نطلق عليه في أدبياتنا العربية «الفتوحات الإسلامية» يعتبر من أصعب القضايا الشائكة في التاريخ العربي، ويعود السبب إلى إدراج هذه القضية في قائمة الدين لا في قائمة الدنيا، واعتبار تلك الأعمال العربية العسكرية حروبا دينية مقدسة تشبيها لها بـ «فتح مكة»، الأمر الذي جعل النقاش حول هذه القضية يثير الحساسية الدينية بين عموم الناس حتى أمست الحقيقة التاريخية من ضمن المسكوت عنه في العقل العربي، وبمرور الوقت تحول ركام التاريخ الذي لا علاقة له بالدين إلى زاد شرعي يشد من أزر الجماعات (الجهادية) الإرهابية.
****
قبل أيام حضرت فيلم The united kingdom الذي يتحدث عن تاريخ المحمية البريطانية بوتشوانا لاند (جمهورية بوتسوانا حاليا) ويروي الفيلم تفاصيل خبث الإدارة البريطانية، وتلاعب السياسيين الإنجليز بإخفاء الحقائق وحرص بريطانيا العظمى على مصالحها الاقتصادية بصرف النظر عن رغبة السكان الأصليين.
والمدهش أن هذا الفيلم من إنتاج هيئة الإذاعة البريطانية (!) التي يمولها دافع الضرائب البريطاني. وهذا الأمر يذكرنا بأفلام هوليوود التي صورت أحداث فيتنام أو إبادة الهنود الحمر وسواها من الأعمال الفنية والأدبية والبحوث التي تتناول التاريخ دون حساسية ودون أن يصدها أحد بحجة الدين أو الوطن.
****
إن تمدد العرب خارج موطنهم التاريخي (توسع عسكري) مثله مثل توسعات كثيرة عرفتها البشرية في عصور مختلفة.
ويمكن القول إنه لا مصلحة لنا في لي عنق الحقائق ولصق ذلك النشاط البشري بالدين الحنيف وإضفاء القداسة على تلك الحروب أو الاحتلالات القديمة.
فالمقدس ينبغي أن يتوقف عند غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم أما الذي جرى بعد ذلك فهو من عمل البشر وتحقيقا لمصالحهم.
فهل آن الأوان للتوقف عن التلفيقات التاريخية وإعادة كتابة التاريخ العربي وفصل الدنيوي عن الديني في قضية الفتوحات؟ وإعفاء الناس من ترويج التفاسير الغريبة والشروح المضحكة مثل قولنا: (إن فتح الأندلس تم لرفع الظلم عن أهلها)!