بعد قيام الدولة الأموية في دمشق حاصر حكامها مكة المكرمة وضربوها بالمنجنيق وأضروا بالكعبة، واهتموا بمدينة دمشق وسائر المدن الفلسطينية، وشيدوا مسجد الصخرة وجعلوا له قناديل من الذهب، وأوقفوا على إعمار بيت المقدس خراج مصر لمدة سبع سنوات، وزخرفوا القبة بالذهب، وأقاموا للحرم القدسي سدنة وخداما يرشونه بالطيب والمسك والعنبر والماورد والزعفران حتى ان الناس افتتنوا بالمسجد الأقصى والتهوا به عن الكعبة والحج، وكان الرجل إذا رجع من بيت المقدس إلى بلاده توجد في ثيابه رائحة المسك والطيب والبخور أياما فيعرف انه أقبل من هناك!.
***
وبعد انتقال سلطان الحكم من الامويين إلى العباسيين شيد حكام الدولة الجديدة مدينة جديدة، فازدهرت بغداد، وشهدت بناء المساجد والقصور والقناطر، فبنى الخليفة المنصور مسجد «الجامع الكبير» ملاصقا لقصره «قصر الذهب» كما شيد قصر الرصافة، واسس المعتصم عاصمته في سامراء، وامتدت الرعاية إلى مصر فتم تشييد مدن جديدة هناك وانشئت فيها الحمامات والأفران والطواحين والحوانيت والمنازل، وعرفت بغداد المدارس النظامية مثل «المستنصرية» التي اهتمت بتعليم الرياضيات والفلك والكيمياء والطب والصيدلة، ولم يعط حكام المسلمين وقتذاك البيت العتيق في مكة المكرمة الاهتمام الذي يليق به.
***
وبمرور الوقت دخلت المنطقة بأكملها تحت الهيمنة العثمانية بعد انتقال الخلافة الاسلامية إلى السلاطين الاتراك الذين عمروا مدنهم التركية وطوروها واهتموا بنظافتها ورصفوا طرقاتها، وبقيت مكة (قلب الإسلام) تئن من وطأة الهزال والفقر حتى اشرقت الدولة السعودية الثالثة، فنهض الملك المؤسس المغفور له عبدالعزيز بن سعود بمسؤولياته كحاكم مسلم، فشرع في تنظيم الطوافة والاشراف على اداء المناسك وتوفير الظروف الصحية والأمنية للحجيج.
ومع تعاقب العهود السعودية المباركة شهد المسلمون التوسعات في الحرم المكي، كما شهدوا الجهود الشعبية والرسمية المبذولة من الحكومة السعودية أو من الشعب السعودي وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، فالشكر، كل الشكر، للمملكة العربية السعودية، الشعب والملك.
www.salahsayer.com
salah_sayer@