تعمل الآلات والمكائن في المصنع حسب القدرات والخطوات والمواصفات المحددة لها. فتلتزم بالأداء والإنتاج والعمل المحدد بشفافية عالية دونما نقصان أو زيادة. وفي حال تعرض اي ماكينة للخلل تعطي، وبكل أمانة، إشارة (صوتية أو ضوئية) بذلك كي يتم اصلاحها لتعود ثانية للعمل والالتزام بما هو محدد دونما زيف أو غش أو احتيال. وخير مثال على مصداقية ونزاهة وشرف الماكينة (الصراف الآلي) التي يتركها الإنسان وحيدة في العديد من الأمكنة وخلال الليل والنهار والحر والبرد ولم يحدث ان خانت الماكينة الأمانة وهربت بالعهدة المالية وتوارت عن الأنظار.
> > >
يعود الزوج من رحلة صيد السمك (الحداق) سعيدا بالسمكة التي اصطادها، فيطلب من زوجـته اعــداد السمكة لوجــبة الغداء يــوم غد، وقد يحدث نتيجة انشغال (المدام) بمكالمة هاتفية مع جارتها ان تنسى اطفاء النار تحت الطـنجرة في الوقت المحدد، فتحترق السـمكة ليحترق دم الزوج غضبا وكمــدا. بيد ان المسكين لو اعتمد على الآلة ووضع السمكة الطازجة في (مايكروويف) لانتهت الطبخة في الوقت المحدد بالدقيقة والثانية، فليس للمايكروويف جيران يهاتفهم من أجل الثرثرة وسائر فروع علم الكلاموجيا. كما اشير إلى ان الشاعر الجاهلي «طرفة بن العبد» ينصح باختيار الحكيم لنقل الرسائل غير ان الحكيم (إنسانا) قد يكون لئيما وينقل رسالتك على نحو خاطئ، والأفضل الاعتماد على الالة وايصال رسالتك بنفسك عبر الموبايل، وبلا حكيم بلا بطيخ!
> > >
ليس للآلة ضمير إنساني ولهذا السبب تتمتع بضمير نقي وبالنزاهة والرحمة والامانة والشفافية والصدق والالتزام بالعمل، فلا تدلس أو تكذب أو تدعي أو تتهرب أو تتوهم أو تحتال أو تراوغ كما يروغ الانسان (لا الثعلب)، فالآلة تعمل بإتقان بصرف النظر عن جنس المستفيد أو دينه أو لونه. والآلات لم تخبر العنصرية أو الحروب الاهلية بينها. والآلة التي وصفناها بالصماء الطرشاء تسمع وتصغي أكثر من الإنسان. والمكائن التي رميناها بصفة البكم والخرس تتحدث أفضل منا. فمتى نعترف ان (الآلية) لا (الإنسانية) هي رمز الرحمة والمثالية؟
www.salahsayer.com
salah_sayer@