العفو من مكارم الأخلاق خاصة مع أولئك الذين يخطئون لكنهم سرعان ما يبادرون بالعودة إلى جادة الصواب أو السلوك القويم أو الوضع الطبيعي فيطلبون الغفران والصفح عنهم وتجاوز أفعالهم الماضية. وذلك أمر منطقي وجيد ومطلوب وينطلق من حقيقة مفادها أن الخطأ طبيعة بشرية، وأن الإنسان عرضة لارتكاب الأخطاء واقتراف الخطايا وسوء التقدير. وذلك أمر يتطلب وجود منفذ للمغفرة والصفح وتجاوز ما حدث كي تستقيم العلاقات بين الناس وتتم المصالحات الوطنية وتلتئم جراح النفس البشرية.
***
بيد ان للتسامح والعفو شروطا أساسية ودعائم رئيسية لا يستقيم الحال دونها. فلا تسامح أو مغفرة أو عودة للعلاقات دون تراجع واعتراف الطرف الذي يطالب بفتح «صفحة جديدة» وإعلان التبرؤ من الأفكار التي قادته إلى الطريق الوعر السابق، وإلا فسوف يصبح الأمر مجرد ادعاء ومزاعم أو أكاذيب لا تعبر عن حقيقة الموقف. وقد يكون الادعاء الكاذب (خاصة في المجال السياسي) بغرض تضليل الرأي العام أو لغرض كسب الوقت أو لطمس ملامح القضية الأساسية. وقد يسهم ذلك في تأجيج المواقف ويزيد من قسوة القلوب ويعطي نتائج عكسية.
***
تفشل الصفحات الجديدة في عوالمنا حالما نشرع بفتحها والسبب غياب المصارحة قبل المصالحة. فالمياه تعود إلى مجاريها دون البحث عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انقطاع المياه. وفي بلادنا الكويت شاهدنا كيف انحرف البعض عن العرف والقانون ونظم مسيرات الفوضى في الشوارع حتى «كادت البلاد ان تضيع» بسبب تلك الانحرافات الشاذة. غير ان هذا البعض وبعد ان عادت المياه إلى مجاريها وتم فتح صفحة جديدة عاد إلى سابق عهده يمارس الأعاجيب والفذلكات السياسية. فالصفحة الجديدة مجرد فرصة تنتهزها حليمة لتعود إلى عاداتها القديمة!
www.salahsayer.com
salah_sayer@