اخترع الانسان المطبعة وطورها ودارت المطابع تطوي الورق فتزايدت المعرفة أكثر وانتشرت الكتب بين الناس وعرفت البشرية طباعة الصحف والمجلات فزادت مساحات المعرفة في العقول وانتشرت الاخبار بين الناس حتى جاء الراديو لينقل المعلومات والانباء المختلفة عبر الأثير فحلقت الأصوات في الفضاء بعيدا وتجاوزت الحدود التي تبلغها الصحف، وبعد ذلك تم اختراع التلفزيون الذي عزز الصوت بالصورة فتعمقت معارف البشر وتعاظم خزينهم الثقافي خاصة بعد اختراع البث الفضائي عبر الاقمار الاصطناعية.
***
حدث كل ذلك التطور المذهل والإيجابي في الوسائط الاعلامية (المتلفزة والمردونة والمصحفنة) قبل اختراع الوسائط الاعلامية الجديدة التي نستعملها في عصرنا الراهن والتي نجم عنها انهيار المعرفة وزيادة الجهل وتنامي مساحات الشك والعتمة في الخزين المعرفي للناس الذين تجاوز دورهم متابعة الأخبار إلى صناعتها، حيث أصبح بإمكان شخص تافه، نكره، أن يؤلف خبرا مهما وينشره على العالمين، وقد ينسبه لشخص مهم أو صحيفة معروفة أو مسؤول حكومي، وتحقق المثل القائل «وما آفة الأخبار إلا رواتها».
***
كانت الأخبار احداثا حقيقية تجري على صعيد الواقع المعيش ويرصدها الصحافيون والمراسلون ويتنقلون لأجلها ويعبرون المسافات الطويلة، وبعضهم يتعرض للأخطار مثل المراسل الذي يغطي الحروب في الجبهات العسكرية، فأمست الاخبار «تأليفا» مثل كتابة القصص تستدعي الخيال الخصب من أجل حبك القصة الخبرية، والأنكى من ذلك قابلية الناس واستعدادهم لتصديق الاخبار «المؤلفة» وكذلك المساهمة بنشرها رغم ركاكة بعضها وبروز الزيف فيها. ولا استبعد ان تقوم الوكالات الإخبارية بنشر اعلان عن توفر فرص عمل لشغل وظيفة «كاذب اخبار» لكتابة أخبارها الرئيسية!
www.salahsayer.com
salah_sayer@