كنت أثرثر، عبر السكايب، مع صديقي في الأرجنتين، وفجأة انقطع الاتصال بيننا هنيهة (وقت قصير) ليعود صديقي ويعتذر بأدب جم عن التأخير الذي تسبب به انقطاع خاطف لشبكة الانترنت. فسرحت في ذلك الاعتذار الذي تسببت به (لحظة زمنية سريعة) ولو كان هذا التواصل بيننا قبل سنوات وتأخر الرد عبر البريد شهورا طويلة لما استدعى الأمر اعتذارا من أحد. ذلك ان دواعي الاعتذار وليدة العصر الراهن ونتيجة لأدواته الحديثة. بعدها صرت أفكر في القيم والأفكار والقواعد الجديدة التي يحملها العصر الحديث إلى الناس ويفرضها عليهم ويغير من قناعاتهم القديمة ويبدل سلوكهم.
> > >
اليوم أصبح بإمكان الفتاة العصرية محادثة الفتيان عبر الهواتف المحمولة وذلك بمعرفة ذويها. وقد كانت مثل هذه الفعلة «المشينة» في الماضي تتسبب في مقتل الفتاة على يد أخيها أو أبيها فيما يعرف بجرائم الشرف. وفي مجتمعاتنا القديمة كانت القوافل تخصص رواحل من الإبل تشد على أسنمتها الهوادج لركوب النساء. بيد انه مع استعمال الطائرات أضحى مقعد الرجل لصق مقعد المرأة وما عاد ذلك يتعارض مع الشرف أو الحياء أو السمعة الحسنة. ونلاحظ أن بعض أشكال الفصل الجنسي يسقط عند اختلاف الظرف. فالمقاعد المخصصة للنساء في صالات الانتظار يجلس عليها الرجال عند الازدحام وعدم توافر المقاعد.
> > >
كانت المرأة الكويتية في الماضي ترتدي العباءة وقت كانت العباءة ترمز إلى الفضيلة والحشمة، وبعد أن أدرك الناس أنها ليست كذلك بادرت النسوة بالظهور سافرات وهن محتشمات وأصبح الأمر شائعا في المجتمع. وبعد فترة عرفن ارتداء البناطيل مثل الرجال. ومع تزايد ما يسمى بالصحوة انتشر الحجاب ثم النقاب بين النساء، واليوم ومع اختلاف الوظائف الاجتماعية للثياب تغيرت الدلالات واختلفت مقاييس الفضائل. وهكذا تدور بنا الأيام (الدوارة) وتتقاذفنا من موقف أخلاقي إلى آخر. ولهذا نقول في الأمثال الشعبية: «كل وقت ما يستحي من وقته»!
www.salahsayer.com
salah_sayer@