تعتبر حرية التعبير أو حرية الرأي في المجتمعات الديموقراطية حقا أساسيا من حقوق الإنسان تنص عليه المادة رقم 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير) وتسعى الدول الديموقراطية إلى تعزيز وحماية حرية الرأي وصيانة هذا الحق الآدمي من الانتهاك. وكان ذلك، في طبيعة الحال، قبل دخول البشرية مرحلة الإعلام الاجتماعي وثورة الاتصالات المتوافرة في الشبكة العنكبوتية، وقبل أن تصبح حرية التعبير في هذا (العصر الديموقراطي) مشاعا للناس أجمعين ومتوافرة للجميع مثل الماء والهواء.. والمرض!
***
عرف العالم حرية الرأي التي تضيق أو تتسع حسب قرارات الحاكم أو الحكومات التي تصدر القوانين واللوائح المنظمة للتعبير وإبداء الرأي في وسائط التعبير المختلفة والمتمثلة في المؤسسات الإعلامية الكبيرة التي يحرسها النواطير والجيوش والدبابات سواء في الصحف أو مباني الإذاعة والتلفزيون حيث الوصول إلى منصات التعبير عن الرأي أصعب من صعود قمة إفرست. حتى خرج الأمر من قبضة أيادي الحكومات، وأمسى التعبير عن الرأي من الأمور (الديموقراطية) الممكنة والسهلة والمتاحة للعامة والسابلة فانتشر وباء (حرية التعبير) بين الناس!
***
كنا نبكي بسبب غياب حرية الرأي حتى أدركنا عصر موبوء ملوث تعرفنا فيه على أنواع خطرة من أشكال التعبير، وآراء أكثر سمية من سموم العقارب، فكرهنا الحريات ومزقنا شعاراتها وصرنا نبكي من شدة الحنين إلى أيام الرقابة التي كنا نتحايل عليها بواسطة فنون التعبير.
ففي الماضي، كان إبداء الرأي (مشقة) تتطلب من صاحب الرأي مؤهلات علمية أو عملية وارتداء الزي الرسمي وركوب الحافلة أو السيارة والذهاب إلى مبنى الإذاعة أو التلفزيون أو الصحيفة ليتمكن من إبداء رأيه الثقيل والدسم. كان هذا قبل أن يتفشى وباء الآراء الرخيصة والملوثة وسائر رذائل الديموقراطية.
www.salahsayer.com
@salah_sayer