يعيش العالم منذ انهيار القطبية الثنائية تطبيقا واضحا للمقولة المعروفة «لكل زمان دولة ورجال» فالتحولات عميقة والتغيرات واضحة والمعطيات مختلفة، وكذلك مصادر المعرفة والقوة والموارد. كما اختفت أسماء كبيرة طواها الموت. وبعض الدول المؤثرة تكاد تغيب عن الوعي. وثمة مراكز ضغط جديدة لم تعرفها البشرية من قبل. والعولمة تواصل تأثيراتها العاصفة والحادة. الاعلام الجديد بانفلاته «الأهبل» يطيح بالاعلام التقليدي. الأسواق المفتوحة تشرع بواباتها للشركات العابرة للقارات، ليبدو العالم وكأنه لوحة سيريالية من لوحات «سلفادور دالي» تصور امرأة عينها مكان فمها ومن أذنها تطل سمكة عاشقة ومريضة بالربو!
> > >
كان العالم في الماضي واضحا حين كان يبدو لمن يرقبه كأنه مباريات بين (الاهلي والزمالك) روسيا تواجه أميركا (شيوعية مقابل رأسمالية) اما اليوم فقد اختلفت الاوضاع بل تعقدت وأصبح لدينا في الصين (رأسمالية شيوعية) وأمسى البعض يتحدث عن عبادة الإله «جوجل» الذي (لا ينام ويستجيب لمن دعاه) والعياذ بالله. فالكون يتأرجح والانسان يكاد يفقد توازنه. فبعد ان تعب البشر وهم يكدون لتأمين الطعام والكساء صاروا يطالبون بشطآن للعراة (!) فقد اضطربت الرؤى البشرية وبات من الواضح ان للعولمة تأثيرا خطيرا على البشرية يفوق تأثير الحربين العالميتين.
> > >
بعد ان كانت الكنيسة والاقطاعيون والنبلاء مصدر القرار ومركز الضغط في اوروبا القديمة مال الميزان نحو المصارف وملاك المصانع الكبرى فأمست هي المطابخ التي تولد فيها الحكومات وتطبخ فيها القرارات الكبرى. وبمرور الوقت اختلفت الاحوال. ففي أميركا جاء شخص اسمه «دونالد» لديه حساب في «تويتر» هزم به الحزب الديموقراطي الذي تأسس عام 1828 وفي اوروبا وكندا حيث الجماعات البيئية والحقوقية (بما فيها حقوق المثليين) أضحت من مراكز الضغط، فان النخب تغيرت وشهدت الدول صعود طبقة سياسية جديدة يمارس بعضها السياسة الخارجية في بلاده على نحو غير معهود.. وقطعا غير مقبول من الدول الاخرى.
www.salahsayer.com
salah_sayer@