كلنا يعلم أن الطب الحديث في تطور هائل يوما بعد يوم، بل إن ما تحقق في السنوات الأخيرة في مجال الطب عموما يعد ثورة علمية مذهلة، خلقت علاجات جديدة لم يكن الإنسان يتخيلها من قبل، فهل تخيلت يوما أن تجرى لك عملية جراحية من دون مشرط؟ بالطبع لا، أما الآن فمن خلال الأشعة التداخلية تستطيع أن تفعل ذلك وبمنتهى البساطة واليسر.
أغلب من التقيت بهم خارج المجتمع الطبي يسأل دائما عن ما هي الأشعة التداخلية؟ وكيف تجرى عملياتها؟ وأسئلة كثيرة تخص مجال الأشعة التداخلية لا يتسع المجال لحصرها... وأستطيع أن أقول كطبيب متخصص في الأشعة التداخلية إن الأشعة التداخلية هي اي اجراء او علاج طبي دقيق يتم عن طريق التوجيه بأساليب التصوير الطبي مثل الاشعة السينية او الاشعة المقطعية او الرنين المغناطيسي.
اغلب هذه العمليات تتم عن طريق فتحات صغيرة في الجسم يستطيع الطبيب الخبير في مجال الاشعة التداخلية من خلالها استخدام معدات طبية حديثة دقيقة «مثل القساطر الطبية» يتم رؤيتها داخل الجسم وتوجيهها باستخدام طرق تصوير الاشعة المختلفة حتى تصل الى مكان المشكلة المرضية وعلاجها دون اللجوء للفتح الجراحي.
أما الفرق بينها وبين العمليات الجراحية ففي العمليات الجراحية يقوم الجراح بعمل فتح أو شق في الجسم ليتمكن من رؤية المشكلة المرضية ثم استئصالها ثم يتم غلق هذه الفتحة عن طريق غرز جراحي. اما في عمليات الأشعة التداخلية فلا يحتاج الطبيب الاستشاري إلى الفتح الجراحي حيث يمكنه من رؤية المشكلة عن طريق طرق التصوير الطبي، ومن ثم التعامل معها عن طريق توجيه معدات طبية حديثة تدخل الجسم من خلال فتحات طبية دقيقة للغاية لا تتعدى المليمتر في أغلب الأحيان مما يجعل العلاجات آمنة للغاية مقارنة بالجراحة.
وإذا ما نظرنا إلى مميزات عمليات الأشعة التداخلية نجدها تتميز بعدة ميزات لا تتوافر في العمليات الجراحية العادية، معظم عمليات الأشعة التداخلية هى عمليات يوم واحد، وغالبا ما يغادر المريض المستشفى في نفس اليوم أو اليوم التالي، كذلك لا يحتاج المريض إلى تخدير كلى، وأيضا هي أكثر أمنا على الحياة وأقل ألما من الجراحة، ومن مميزاتها أيضا أنها أقل نسبة مضاعفات، وكذلك فهي تتمتع بنسبة أمان أعلى بكثير من العمليات الجراحية اذا تم العلاج مع استشاري متمرس ولديه مهارات وخبرة كبيرة، وأيضا فهي تحتاج إلى أقل فترة نقاهة.
ومن هنا يتضح جيدا أن الأشعة التداخلية إذا ما قورنت بالعمليات الجراحية فإنها ستتفوق عليها، بل إنها تعد مستقبل الطب الحديث، والأمل الجديد في تخفيف آلام البشرية.