كل دولة من دول العالم تتكون من عناصر طبيعية وبشرية واقتصادية وهذه المعطيات لها تأثير على قوة أو ضعف الدولة نتيجة أوضاع جغرافية وتاريخية وحضارية.
وموارد الدولة هي التي تتحكم فيها لتحقيق أهدافها كرفاهية الشعب وحمايته، وتتمثل هذا الموارد في الموقع الجغرافي وحجم الدولة وشكلها والتضاريس والعوامل التي تؤثر في إستراتيجيتها ومدى تماسك الدولة بواسطة طرق النقل والمواصلات المختلفة وتنعكس درجة استقلال الدولة لمواردها على نجاح الدولة واستقرارها.
فالموقع الجغرافي للدولة بالنسبة لدوائر العرض له تأثير في اختلاف الأنماط المناخية وهي التي تحدد العروض المناخية للدولة وأثرها على النشاط البشري، فكلما كانت الدولة ذات مساحة كبيرة كانت دوائر متعددة وأدى ذلك إلى تنوع في الظروف المناخية ومن ثم أعطى الدولة فرصة في التكامل بين أجزائها وأثره على النشاط البشري وعلى الاقتصاد وهذه أمور حيوية تحدد اتجاهات الدولة وأثر المناخ أكثر ما نجده في درجة استخدام الإنسان للأرض الزراعية عندما تتوافر عناصر قيام الزراعة وهذا يعتبر عنصرا قوىا من عناصر قوة الدولة ونلاحظ معظم الحضارات العريقة في العالم قامت على حرفة الزراعة مثل مصر والعراق وغيرها من الدول طبعا بتوافر الأنهار الكبرى كنهر النيل في مصر ونهري دجلة والفرات في العراق.
والدول ذات المساحات الواسعة تسمح باستيعاب عدد أكبر من السكان وتهئ الإمكانيات والفرص للإنتاج المتنوع والنمو الاقتصادي.
وكذلك موقع الدولة بالنسبة للمسطحات المائية من البحار والمحيطات يساعد على تحديد طبيعة مصالحها وحالتها الاقتصادية والدول التي تشرف على مسطحات مائية هي دول بحرية ومثال على ذلك الجزر البريطانية والجزر اليابانية واندونيسيا والولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول التي تشرف على محيطات وبحار وخلجان، ولاتساع مساحة روسيا الاتحادية أثره في طول حدودها ثلثي هذه الحدود بحرية والثلث الباقي حدود برية وعلى الرغم من طول جبهاتها البحرية فإن هذه الدولة تعتبر من الدول البرية بل المغلقة فحدود روسيا الاتحادية الشمالية تطل على المحيط القطبي الشمالي وحدودها على بحر البلطيق كليهما تتجمد مياهه معظم أيام السنة، أما جبهتها المطلة على المحيط الهادي وجبهة البحر الأسود فهي فقط جبهات مهمة لذا تعتبر روسيا الاتحادية رغم طول حدودها البحرية قوة برية أكثر منها بحرية.
وتختلف قيمة الجبهة البحرية بحسب بعدها أو قربها من طرق التجارة العالمية الرئيسية فلا يمكن القول بأن الجبهة البحرية التي تطل بها البرازيل والأرجنتين على المحيط الأطلسي تعادل الجبهة البحرية التي تطل بها شيلي وبيرو على المحيط الهادي فهما أكثر عزلة من البرازيل والأرجنتين لأن السواحل البرازيلية والأرجنتينية تمر بهما الطرق البحرية العالمية.
وهناك دول في العالم لا توجد لديها منافذ بحرية ومغلقة منها بوليفيا وباراغوي في أميركا الجنوبية وسويسرا ولكسمبورغ والنمسا وهي قارة أوروبا وأفغانستان ونيبال في قارة آسيا وزامبيا وأوغندا وتشاد في قارة أفريقيا والدول التي ظهرت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وغير ذلك من الدول، وتعاني هذه الدول الحبيسة من الكثير من المشكلات الاقتصادية لذا تسعى هذه الدول إلى إقامة اتحاد جمركي فلا غناء عن البحر والمحيط لنقل جزء كبير من التجارة الخارجية لهذه الدول فتلجأ الدول الحبيسة لنقل السلع منها عبر الموانئ الغربية منها.
وقد تختلف أهمية الموقع الإستراتيجية بتغير الظروف ومن أمثله تغير أهمية الموقع الإستراتيجي مثلا عند افتتاح قناة السويس وعبور التجارة العالمية عبر القناة بدلا من المرور حول جنوب أفريقيا عند رأس الرجاء الصالح.
وأهمية موقع الجزر البريطانية لطرق الملاحة العالمية من غرب أوروبا وشرق أميركا الشمالية وجزر فوكلاند الواقعة في جنوب المحيط الأطلسي فقد كانت لها أهميتها الإستراتيجية لأنها تتحكم في الطريق البحري الذي يدور حول أميركا الجنوبية ولكن افتتاح قناة بنما والتي تربط بين البحر الكاريبي - المحيط الأطلسي بالمحيط الهادي قلل من أهمية طريق رأس هورن في أقصى جنوب أميركا الجنوبية وبالتالي أصبحت أهميته الاستراتيجية في حكم المعدومة، وهناك مواقع إستراتيجية مثل مناطق المضايق مثل مضيق هرمز ومضيق باب المندب ومضيق جبل طارق ومضيق ملقا وغير ذلك من الممرات العالمية والجزر، وكذلك من صالح الدولة أن تكون في شكلها مندمجة أي كلما كانت الدولة أقرب إلى الشكل المنتظم كلما كانت حدودها قصيرة بالنسبة لمساحتها والشكل المطلوب للدولة هو الشكل الدائري أو القريب من الدائرة والتي تمثل العاصمة نقطة المركز فيه وتعد فرنسا دولة مثالية من هذه الناحية وتعد سويسرا ومصر وإسبانيا والعراق دولا قريبة من المثالية وهذا يساعد الدولة على مد شبكات المواصلات واتصال العاصمة بجميع أطراف الدولة وتوجد هناك جيوب دولة في دولة أخرى مما يكون رأس جسر لها في أراضي دولة مجاورة ومثال على ذلك الامتداد الطولي لأفغانستان نحو الشرق بين كل من الاتحاد الروسي والباكستان دول ذات الشكل المستطيل هناك دول على طول الساحل مثل فيتنام في قارة آسيا ومثل شيلي والأرجنتين في أميركا الجنوبية والنرويج في قارة أوروبا وهذه الدول تعاني وخاصة النرويج وشيلي من عدم وجود خطوط سكك حديدية تغطي الدولة من أقصاها إلى أقصاها.
دول ذات الشكل المجزأ وهذه الدول تتكون من عدة جزر مثل الفلبين - اليابان - اندونيسيا - بريطانيا - اليونان ودول تتكون من جزأين مثل انعزال ولاية آلاسكا وجزر الهاواي عن الولايات المتحدة الأميركية.
٭ التضاريس: تعتبر من أكثر عناصر المظهر الطبيعي انتشارا وذات صلة بقوة الدولة سواء كانت سهلا منبسطا أو أرضا جبلية وعرة أو هضابا وتأثير التضاريس على نمط تصريف المياه وخطوط المواصلات والنقل ويعتمد استثمار الموارد الاقتصادية على ما يتوافر من سهولة طرق النقل.
وتعتبر المناطق السهلية من أفضل المناطق لممارسة النشاط الاقتصادي والتقني والحضاري لذا نحد معظم سكان العالم يقطنون الجهات السهلة والجزء الأعظم من النشاط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي لأولئك السكان ينحصر في أراض منبسطة السطح والمناطق السهلية تعمل على وجود وحدة ثقافية بين المواطنين في مختلف أجزاء الإقليم.
والدول الجبلية كانت منذ زمن طويل ملجأ تلوذ به الشعوب التي تنشد الحماية من أولئك الذين يتسلطون عليهم من القوى الخارجية ولكن تأثير التطورات الهائلة في مجال التطور التكنولوجي والتقنية في نظم المواصلات له تأثير واضح على العوامل الجغرافية وخاصة التضاريس.
[email protected]