جُبل أهل الكويت ومنذ نشأتها زهاء ثلاثة قرون خلت على العيش والتفاهم بود وسلام بين أهل الحكم وشعبها، من خلال لقاءات وتشاور في الأحداث وتطورت الأمور، حيث شهدت الكويت خلال سنوات غابرة وقبل الاستقلال انتخاب مجالس مختلفة تدير شأن البلاد.
وبعد الاستقلال تبنى وشجع أبوالاستقلال الشيخ عبدالله السالم الصباح، رحمه الله، النهج البرلماني، حيث شهدت الكويت في ستينيات القرن الماضي بداية الحياة البرلمانية.
وعقب ذلك نشر للصحافة والرأي المقروء، اضافة الى الدواوين التي يقضي بمناقشة امور الكويت فأصبحت الكويت منارة للديموقراطية والرأي الحر لاسيما في عقود الستينيات وحتى الثمانينيات بما في ذلك استخدام الحوار الراقي والاحترام المتبادل في التخاطب بين الوزراء وأعضاء المجلس.
وخلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات وبعد ان زادت أعداد التجنيس ـ بالحق او بالتزوير ـ اختلفت كلية النسيج الاجتماعي بالكويت، حيث طغت القبيلة والطائفة والملة على الدولة، وأضحت وأمست الكويت تسمع عن أشخاص وأقوال ليس من نهج وخلق أهل الكويت الأصليين اسما أو قولا أو فعلا، فأصبحت لا تسمع من هؤلاء إلا المطالبة بزيادة التجنيس لأنهم هم مجنسون ولا يهمهم تأثير ذلك على الكويت، وتسمع مقولات مثل أنا أصيل وأنت بيسري وأطلع لي بره أوريك!
أضف الى ذلك الغياب التام لأي برنامج سياسي في مجالات الحياة في الكويت، او لحل عقبات وتحديات خارجية وداخلية وما أكثرها، واستبدال ذلك بالصراخ والتخوين والعويل والثبور واستغلال الفرص للحصول على مزايا ما أنزل الله بها من سلطان، والتوجه الى استجواب تلو الآخر دون الوصول الى نتيجة تفيد الدولة سواء أقيل أو نجح الوزير في الثقة، وعندما يزورك النائب بالديوان نسمع منه من معسول الكلام لتعتقد أنه لا سبيل للخلاص من مشاكلنا إلا عن طريق هذا وأمثاله ولا نبخس حق البعض ممن عزف عن هذا وحاول المساهمة في تنمية الدولة، مثلما حصل في حقبات سابقة من إنشاء مؤسسات وهيئات وتعضيد الاقتصاد والمشاركة في البترول الذي عاد بالخير الكثير على الكويت.
وكان للديموقراطية الحقيقية في الكويت متمثلة في المجلس والصحافة الحرة وحرية الرأي وزيارة الدواوين من غير قيد أو تهديد، انعكاسا مهما على سمعة الكويت في الدول العربية والأجنبية، حتى أضحت الكويت وأهلها مثالا يحتذى بين الدول، وارتقت معه آنذاك قطاعات الدول المختلفة، فانتشرت الثقافة والفنون والآداب، وتبوأت الدراسات العليا والبحث العلمي مكانا عالميا، وارتقت الكويت في مجال التجارة والكلمة الثقة، وانتعشت الرياضة وازدهرت حتى أصبح لاعبو الكويت في جميع الأنشطة الرياضية مثالا يحتذى خارج الكويت، وغير ذلك من العطاء.
[email protected]