ما انفك أهل التخصص في علوم النفس والاجتماع يدرسون سلوك الأشخاص لاسيما المسؤولين وذوي الرأي وكذلك القائمون على المؤسسات العلمية وغير العلمية، ولقد توصل هؤلاء الجهابذة الى ان هناك خمسة انماط من الفوبيا «التخوف» يتعرض لها الناس وهي على النحو التالي:
1- كرونوفوبيا «الخوف من مضي الوقت والزمن» يجابه هذا النوع كبار السن والمحبطون من رعب مرور حاضرهم ليمس من الماضي وبه تمر عليهم الأيام لتنقص من أعمارهم، وقد تصيب أعمارا أخرى، وقد يؤول ذلك الى العوامل الوراثية وتجارب غير سارة كالموت والطلاق ويصاحبه احيانا بكاء وضيق تنفس واغماء وتعرق.
2- الامبولوفوبيا «الخوف من المشي أو الوقوف» ينتاب هذا النمط من التخوف الناس، من دون تحديد للأعمار، باعراض الرعب وضيق التنفس والتعرق وجفاف الفم وغيرها، وذلك بمجرد المشي أو الوقوف، ويعتبر البيت هو الأكثر امانا وللوراثة وحوادث الطرق دور في ذلك.
3- الايبستيموفوبيا «الخوف من المعرفة» وهو نوع من الخوف يتمثل في كل شيء يتعلق بالمعرفة والعلم، وتبنى المصابون به شعار لا تعليم ولا مدرسة، ويحاولون تجنب التعلم في أي شيء لأي موضوع، والبعض يتجنب تعلم شيء يتعلق بموضوع ما، ويؤول ذلك الى صدمة تعرضوا لها وهم صغار.
4- الديسدوفوبيا «الخوف من اتخاذ القرارات» يتصف هذا النوع من الخوف بان اصحابه لا يمتلكون الشجاعة في اتخاذ القرار، اذ يملأ الخوف أركانهم من عواقب ذلك، لعدم المامهم أو مقدرتهم على اتخاذ القرارات لعواقب خاتمتها، وقد يتركون احيانا لآخرين هذه المهمة، او يلجأون الى اساليب غيباوية لمعرفة مصير قراراتهم.
5- السيبوفوبيا «الخوف من الطعام» وهم من الاشخاص الذين اما ان يتجنبوا الطعام البتة او ان يتناولوا طعام بالكاد للبقاء على الحياة، وما يصاحب ذلك من وساوس وخلافه.
تتميز النظم الديموقراطية او الدول ذات الديموقراطيات العرجاء، ونحن منها، بعدم تبنيهم لسياسات ومنهجية على مختلف المستويات لاتخاذ القرارات المناسبة، ويتركون ذلك للمصادفات أو بقولهم ان الوقت كاف للنسيان ولحل الأمور، ولا مراء في أن هذا النهج عقيم.
تناولت أثناء اعدادي لدراسة الدكتوراه قبل ما يزيد على الثلاثة عقود نمط المناحي الاقتصادية والاجتماعية لاتخاذ القرارات وصنعها في الكويت على جميع المستويات حيث تبين لنا ان النظام في الكويت يعتمد على نمط «هذا الغرض، Ad - Hoc» ومفاده بأن تشكل اللجان حين تنجم أمور أو مشاكل وعدم الاعتماد على المنهجية والاسلوب العلمي في التخطيط ومازالت هناك في مجتمعنا تحديات وعقبات تؤيد أننا مازلنا على ذات الوتيرة.
فالجميع يوقنون ان الاسباب عالمية بحتة، بأن النفط بدأ يفقد جاذبيته عالميا، وان علينا ان نتحرك بجدية وبخطوات حثيثة لمقابلة هذا الوضع فماذا فعلنا؟ لا تثريب اننا كنا ومازلنا ننادي بتنويع مصادر الدخل، فهل فعلنا سابقا وحاليا أو لمسنا نهجا محددا وملموسا لذلك؟!
ومن ناحية السلطة التشريعية فلقد تبنت رئاسة المجلس المنحل السابق 2013 منهجية كلفت حوالي نصف مليون دينار لمعرفة رأي الشارع في أولوياته، لا جدال ان الكويت مع صغر مساحتها ومحدودية أولوياتها فان الطفل الرضيع يعلم أولوياتنا، فكان ان أقر المجلس قوانين «بالهبل» جلها لا يسمن ولا يغني من جوع وانتهى بحله قبل مدته.
وعليه، فان السلطتين لدينا تتسمان بالنمط الرابع من الخوف وهو الخوف من اتخاذ القرارات، واضيف بعدم القدرة على ذلك.
ليس من الضروري بمكان ان يكون صانع القرار السياسي من حملة الدكتوراه من أعتى الجامعات، بل لا يكون من محدودي التعلم، او الا تكون لهم قابلية او الاناطة باساليب صنع القرار ومنها اتخاذ القرار مع الجهل بالعواقب، وانما يتحتم عليهم مع الاستعانة بأصحاب الرأي والتخصص، ان تكون لهم برامج ورؤية واضحة للتطبيق.
والله المستعان.
[email protected]