نستطرد في مقالنا هذا شرح احرف النور او الاحرف المقطعة من مفهوم اللغة الهيروغليفية.
(طس)
ورد هذان الحرفان الكريمان في افتتاحية سورة النمل، وكما اسفلنا سابقا في شرح حرف (طسم) فإن ط: تعني يا هذا او انت يا رجل، وعني كذلك الارض، التراب، او بلدة او مدينة.
س: تعني رسولا، وتعني يقبل، يلثم، يقدس.
وبمفهوم اللغة الهيروغليفية، لغة اهل مصر القديمة، يا أيها الرسول اليك آيات القرآن واليك الكتاب الذي يفرق بين الحق والباطل، وقد تعني تقبيل الارض علامة على الحمد والثناء لله على نعمه ولا يقبل الانسان الارض الا اذا سجد، وقد تعني تلازما لذلك ارضا ومقاما للناس، والمراد بهذا البلد الحرام (مكة)، وعليه يكون القسم بمكة هو التفسير الممكن لبداية السورة.
(يس)
نزل هذان الحرفان في بداية سورة يس، وهي سورة مكيّة نزلت في بداية الدعوة، حيث قابل كفار قريش دعوة الاسلام ومقام الرسول صلى الله عليه وسلم بالانكار والكره والعداوة، وانكارهم للبعث والحساب واحياء الموتى، وهذه السورة الكريمة هي قلب القرآن، كما ان الرحمن هي عروس القرآن، ولقد اوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بقراءة سورة (يس) على موتانا لحضور الملائكة بين يدي الميت صفوفا يصلون عليه ويستغفرون له ويشهدون غسله ويتبعون جنازته ويشهدون دفنه.
وفي اللغة الهيروغليفية تعني (يس)، بل: يقينا، حقيقة.
وبذلك، يعني هذان الحرفان وافتتاح السورة: بلى، وبحق القرآن الكريم انك لمرسل من سلسلة الانبياء الذين ارسلوا على الصراط المستقيم، وان رسالتك هي القرآن هي تنزيل من المولى سبحانه العزيز الرحيم، لتنذر قوم قريش الذين لايزالون في غفلة لأن آباءهم لم ينذروهم من قبل، وسيان انذرتهم ام لا فإنهم لا يؤمنون.
وقياسا لذلك، لننظر الى قوله تعالى في السورة المكيّة (سبأ): (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قبل بلى وربي لتأتينكم).
وفي آية جليلة اخرى في سورة (التغابن): (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن).
وعلى هذا يستقيم المعنى في الآية 82 من سورة (يس): (أوليس الذي خلق السموات والارض بقادر على ان يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم)، اذ تلخص القضية المعروضة عن انكار الكفار للرسالة برمتها، والاجابة بكلمة بلى تؤكد وتمثل المفتاح الذي يفض الرمز (يس)، فهم لم ينكروا قول سيد الخلق عليه وعلى آله افضل الصلاة والتسليم، بل انكروا الرسالة وانكروا قدرة الله جل وعلا، فنهاية السورة تدل على بدايتها والعكس صحيح.
(ص)
بدأ هذا الحرف الجليل في بداية السورة المكية (ص)، وفي اسباب النزول عندما مرض ابوطالب جاءته قريش وجاء سيد البشرية صلى الله عليه وآله وسلم، فشكوه الى ابي طالب فقال: يا ابن أخي، ما تريد من قومك؟ قال: اريد منهم كلمة تدين لهم بها العرب وتؤدي اليهم العجم الجزية، كلمة واحدة، قال: وما هي؟ قال: لا اله الا الله، فرد القريشيون: الها واحدا! ان هذا لشيء عجاب.
ففي اللغة الهيروغليفية تعني (ص): يقول، يخبر، يعلن، يعترف، يقرأ، يخبر ويحكي، ويتقول علي ويمدح ويثني، يسيء أو يشنع.
وبذلك يكون معناها يشنع او يسيء الى سمعة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى القرآن الذي يحوي القصص والعلم والموعظة، واساءوا الى سمعتك والى القرآن، نجد الذين كفروا في نكران لما تذكر به وجحود وعداء، فأهل قريش قد تقولوا عليك واساءوا واتهموك بإتيان ما ليس له سند، كما تقولون ايضا على القرآن واساءوا في محتواه، ولم يتعظوا بخبر ما سلف، واتهموك بالسحر والكذب والشعر، وانكروا ان يكون هناك اله واحد.
وتأتي الآية 86 من السورة ذاتها (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين)، أي اني اقول من عندي او أتقول القول، او اتكلف شيئا من عندي، فهذا قرآن ذو ذكر، لنربط السورة أولها بآخرها.
[email protected]