عندما هاجر سيد الخلق عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم الى المدينة المنورة اتخذ بادئ ذي بدء مسجدا ثم ارتأى، بأبي هو وأمي، أن يتخذ منبرا ليلقي منه على المسلمين عظات ويفهمهم أمور دينهم ومناحي حياتهم.
وتوالت دول الإسلام بعد ذلك بالسير على النهج نفسه حتى غدا منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم شعاعا للمسلمين يتفقهوا بأمور دنياهم وآخرتهم، ولم تأل دولة الكويت، بطبيعة الحال، في السير على النهج نفسه، حتى ان هناك مساجد يعتلي منابرها وعاظ بلغات مختلفة ليفقهوا من لا يفهمون اللغة العربية دينهم.
إلا أنه في السنوات الماضية ارتأت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت، ولأسباب مختلفة، أن تعد موضوعات خطب الجمعة وتلزم بها الخطباء، وقد يكون هذا أمرا مقبولا في ناحية مراقبة ما قد يتفوه به الخطباء، وإن كان ذلك من السهل تعقبه من خلال التسجيلات ومن خلال تحديد خطوط للخطباء في خطبهم، على أن تكون هذه الخطب ذات قيمة وفائدة للمجتمع وأن تتناول ما يلم بنا كمسلمين أو واقع الحال في الكويت.
معالي الوزير.. ما ذكرته أعلاه ليس بجديد، وإنني على يقين بأنك ملم بذلك لا ريب، بيد أنني يوم الجمعة الماضي حضرت خطبة في أحد المساجد، وعندما اعتلى الخطيب منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك بورقة ليلقي الخطبة، فاعتقدت أنها خطبة من الوزارة وخلت أنها قد تكون شاملة معظم المساجد، فماذا كان موضوع ومضمون الخطبة؟ ابتدأ الخطيب بالقول: عليكم أيها المسلمون بالتوحيد وعدم الشرك بالله! أيعقل يا معالي الوزير أن يحضر المصلون وهم يملأون المسجد وهم كفار أو هندوس أو عبدة للأصنام ليخبرنا الخطيب بعدم الشرك؟! أهذا من المنطق والفهم؟! ألا يبدو هذا هرطقة؟!
معالي الوزير.. لا أريد أن أسهب أكثر من ذلك، لكنني أرى ما يلي:
٭ إما أن تكون الدولة - ممثلة بوزارتكم - تريد أن تنأى عن مشاكل المسلمين وهموم أهل الكويت، حتى نسمع خطبة تنصحنا بعدم الشرك! وهذا أمر جلل عليكم مراجعته في مجلس الوزراء، وإما أن يكون من يعد خطب الجمعة هو ممن أكل عليهم الزمن وشرب في وزارتك، وعليك أن تنبه المسؤولين في وزارتك إلى ذلك وبضرورة وأهمية تغيير الخطاب الديني. وأن توكل المهمة إلى من يستطيع ذلك.
٭ وفي حالة عدم مقدرة الوزارة على مواكبة المشاكل والمعضلات اليومية عليكم برفع الأمر إلى مجلس الوزراء لإيجاد البديل.
٭ أدعو أن تتركوا خطباء المساجد لإعداد خطبهم مع تبيان حدود الخطبة لهم.
معالي الوزير.. إن منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الركن الأساسي لتثقيف وإرشاد المسلمين لدينهم ودنياهم. وإن دولنا الإسلامية تئن بمشاكل ومعضلات جمة، والشيء نفسه في الكويت.. فعليكم أمانة، إما أن تؤدوها أو تتنحوا عنها.
[email protected]