أرسل الله الأنبياء والمرسلين، وأوحى كذلك وألهم الى بعض خلقه بعلم وحكمة أمثال ذي القرنين وصاحب سيدنا موسى عليه السلام (ويقال إنه الخضر) ولقمان لتكون تعاليمهم ووصاياهم وحكمهم نبراسا وهداية للخلق ولكي لا يكون لهم على الله سبيلا.
ومن غزارة وأهمية تعاليم لقمان أفرد العزيز في كتابه الجليل سورة مكية (34 آية) تحمل اسمه، وتقع في الجزء الحادي والعشرين.
يروي التراث أن اسم لقمان هو لقمان بن ياعور، ولد وترعرع في اسوان بمصر وقيل في النوبة في السودان وكان بذلك اسود اللون راعيا للغنم، وهبه الله الحكمة، وقيل انه أخذ العلم من سيدنا داود عليه عليه السلام.
جاءه سيده يوما بشاة وقال له اذبحها وائتني بأطيب ما فيها.، ثم اعاد ذلك وقال ائتني بأخبث ما فيها، فأتاه في كل مرة باللسان والقلب، مجيبا على تعجب سيده بأنهما بطيبهما يطيب الإنسان وبخبثهما يخبث، ليحرره سيده بسبب العلم والحكمة الوافرين.
فغادر إلى فلسطين ليكون أجيرا عند سيدنا داود عليه السلام وينهل منه وأعده سيدنا داود عليه السلام إعداد المعلم والحكيم ليوليه القضاء حتى غدا وأمسى يحظى بإعجاب الناس. وجاءه يوما رجل من بني إسرائيل يعيره بأنه كان يوما عبدا مملوكا وراعيا للغنم، فأجابه لقمان بأن ذلك من محبة الله له كونه يقدر الله ويصدق في الكلام ويؤدي الأمانة ويدع ما لا يعنيه.
ومن مواعظ ووصايا لقمان لابنه كما ذكرت في السورة، وبكونها نزلت في القرآن، فإنها وإن كانت مخصوصة الأشخاص، إلا أنها انزلت لتكون للخلق وللمسلمين جميعا.
٭ (لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم)، فإن الشرك أعظم الكفر وأعظم الظلم يصرف الحق عن أهله، إذ ان الحق في العبادة لله وحده لا يستحقها غيره.
٭ ان حق الوالدين من أعظم الحقوق وأكبرها وأشدها وجوبا، والويل والثبور لعاق والديه، وعليه مسايرتهما ومعاشرتهما بالمعروف وإن رغّباه في الكفر.
٭ الله باسط الرزق لخلقه متى شاء وكيف شاء، ويبسط ويقدر بحكمته.
٭ لا تخفى الخطيئة وأي شيء عن الله وإن كانت بوزن الخردل وهو أصغر الحبوب ولا ترجح ميزانا، فيأتي بها الجبار سبحانه ويحاسب عليها.
٭ حتمية إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على وبائل الأمور والخطب لكونها أعزم الأمور فهذه أمهات العبادات وعماد الخير.
٭ لا تختل على الناس بتصعيرك خدك عليهم أو تخطو في الأرض خيلاء وفرحا وتكبّرا، فإن الرحمن يكره هذه الصفات، بل على الإنسان أن يمشي بالوقار والسكينة ولا يتكلف برفع الصوت، إذ إن الحمار أجهر الخلق صوتا.
٭ إياك والدّين فهو ذل في النهار وهمّ في الليل.
٭ لا ترائي بما لا تفعل أو تملك، بل بيّن للخلق ما تعلم وتملك.
٭ لا تسأل الناس معونة بذلة فإنه يُذهب ماء الحياء من الوجه.
٭ لا تؤخر التوبة، إذ إن الموت يداهم المرء بغتة.
٭ إن كنت في الصلاة فاحفظ قلبك وإن كنت في طعام فاحفظ حلقك.
٭ إن كنت في بيت الغير فاغضض بصرك وإن كنت بين الناس فاحفظ لسانك.
٭ احذر الحسد فإنه يفسد الدين ويضعف النفس.
٭ أول الغضب جنون وآخره ندم.
٭ إياك وصاحب السوء فإنه كالسيف يحسن منظره، ويقبح فعله.
٭ إن تندم على السكوت لهو خير لك من ندمك على كلام.
[email protected]