[email protected]
كنت في الخفجي، وسمعت نعيك، ودمعت عيناي من الخبر، معك الله يا عبدالمحسن محمد حمد المشاري، أيها الحبيب الحاضر الغائب، وإنني والله أرثيك وأرثي معك الأخوة والشهامة والفزعة، معك الله أيها الحبيب ولأسرتك الكريمة ولأهل بيتك الصبر الكبير.. خمسون عاما عمرك فقيد الشباب والبلاد.
ينطبق عليه قول الإمام علي رضي الله عنه: الإخوان زينة في الرخاء وعدة في البلاء.. فقدناه.
كنت دائما في عجلة من أمرك أيها المستشار والشاعر والأديب والكاتب، ناشط من أجل الكويت وأهلها، وضابط سابق خدم وطنه بكل الأمانة والشرف حتى وصل الى رتبة عقيد، ودخل مجال التجارة دون خوف أو تردد، لأنه على الدوام من المؤمنين بأن الخسارة الحقيقية هي عدم تجريب النجاح والمعرفة والعلم وأسرار المهنة.
قال الشاعر:
أخاك أخاك إن من لا أخا له
كساع الى الهيجا بغير سلاح
كان نصيرا للشباب وهو بالفعل منهم، علما ورمزا، ومن ينسى جهوده في وزارة الداخلية أيام عمله ومساعدته للمعوزين والضعفاء وأهل الحاجة وساعد أسرا كثيرة للعلاج في الخارج.
قال الشاعر:
ان الشباب لهم عذر إذا جهلوا
وليس يقبل من ذي شيبة عذر
كان يحب ذوي الحاجات الخاصة من فئة المعاقين، وكان يعتبرهم من أصحاب الهمة، وله قصيدة طويلة فيهم يعرّف فيها عن حبه واعتزازه بأدوارهم يقول:
كل الأوادم كلها جاية من الطين
الله خلقهم شعوب لتعارف والعبادة
وأنا بعد الله خلقني من المعاقين
وأحمده ربي وأشكره وما أفارق السجادة
له رصيد من المقالات كبير وأتذكر انه كتب سلسلة من المقالات يبدأها بعبارة يا سادة يا كرام في عام 2016 وكأنه بهذه المجموعة من المقالات المنوعة يكتب تاريخه العريق، منها: (خالي يوسف ابراهيم الغانم - المماليك - الأفكار المتسرطنة - الخدم والموت والنجاح - المرأة الشرطية والصعاليك والمخدرات - الكويت وكنوز كسرى والكراسي - حديث من غادر الدنيا - اختلاس الأموال العامة - الملحدون - حضري بدوي سني شيعي - إقامة الأجانب والخدم والإبعاد - عبدي اذكرك وتنساني..).
قال أبوبكر:
الموت باب وكل الناس تدخله
يا ليت شعري بعد الباب ما الدار؟
ومضة: تلبس الشمس حزني اليوم عليك يا عبدالمحسن المشاري فامتلأ جرحها بالسواد.
أيها الصديق الصدوق الحبيب كم تغيرت الدنيا ولم تتغير، ومن يتصل بعدك ليقول لي: أستاذنا؟!
كم هو صعب فراق صوتك عبر الهاتف ودعواتك المستمرة لي لزيارة ديوانيتكم العامرة.
لن يتصل احد بعدك ليسأل عن زاويتك، واعلم حزن من يتابعك وليس لدينا ما نقدمه لك سوى الدعاء والابتهال الى المولى عزّ وجلّ ان يجعل قبرك روضة من رياض الجنة ومثواك الفردوس الأعلى من الجنة.
قال الشاعر بن زيدون:
ان الزمان الذي مازال يضحكنا
أنسا بقربكم قد عاد يبكينا
آخر الكلام: يا آخر الأقلام التي تكتب نتذكر فيك المواقف والجرأة وأيضا الصمت، لقد كنت رجلا من طراز فريد وكأنك آخر الرجال، سيفاً وقلماً يقول الحق محفورا في ذاكرة الوطن.
قال الشاعر:
يا مشتكي الهم دعه وانتظر فرجا
ودار وقتك من حين الى حين
زبدة الحچي: يا عبدالمحسن المشاري تركت لنا حزنا يزيّن صورتك التي تزهو بها قبالة العين، كلما رأيناك وتذكرناك، وصدق من قال:
ان عبدالمحسن يعشق العطاء غير الأخذ وسيبقى اسمك يطلع ولن يغيب، وتبقى الفارس الذي غاب.. فارس كويتي رائع صعب ان يتكرر والحزن خيم علينا لفقده ولتخرجنا من التألم إلى التأمل...!
دقـات قلـب المـرء قائلة لــه
إن الحيـاة دقائـق وثوانـي
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها
فالذكـر للإنسـان عمر ثـاني
غفر الله للراحل العزيز عبدالمحسن محمد المشاري وأحله دار مقامه وكرامته، ودعاء للمولى عزّ وجلّ ان يخلف عليه دنياه بظلال رحمته ومغفرته.
مرحوم عبدالمحسن عزيز فقدناه
راح وتركنا للحزن في غيابه
نطلب عسى المولى يحقق له أمناه
بالجنة الخضرا يبيض كتابه
ويبقى قوله تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية). رحمك الله يا عبدالمحسن ابنا بارا لأهلك ووطنك وتسقط عليك دمعات.. رب ارحمه وصبّر أهله وذويه ومحبيه.. آمين يا رب العالمين.