[email protected]
سألتني عبر الهاتف: هل يجوز لي أن أحل السحر بالسحر؟!
قلت: بلوة كبيرة في حياتنا تبث السم الزعاف والشر المستطير على العقائد والأخلاق وهي الموبقات المهلكات وهي قضية السحر والعياذ بالله ومن أهله.
نحن اليوم في أمس الحاجة إلى توعية الناس بهذه القضية وحكم حل السحر بالسحر وما يتعلق بها من أحكام وفتاوى.
كلنا قرأنا أو سمعنا أن السحر هو عمل يتقرب فيه الإنسان إلى الشيطان وبمعونة منه يصبح السحر كينونة وحقيقة من عزائم ورقى تؤثر في الأبدان والقلوب فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه، قال تعالى: (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) البقرة 102.
كلنا نقرأ ونحن نصلي في اليوم 5 صلوات سورة: (قل أعوذ برب الفلق..) قرأت مرة في الطبري: «واختلف في معنى السحر فقال بعضهم هو: خدع، ومخاريق، ومعان، يفعلها الساحر حتى يخيل إلى المسحور الشيء انه بخلاف ما هو به نظير الذي يرى السراب من بعيد، فيخيل إليه أنه ماء ويرى الشيء من بعيد فيثبته بخلاف ما هو على حقيقته..».
أما تعريف حل السحر فهو فكه وإبطاله وهو نشره وقال المازري: أمر معروف عند أهل التعزيم.
والدارج والمعروف عند الناس أن حل السحر هو فكه وإبطاله بالرقية وقراءة القرآن.
وروي عن الحسن أنه قال: لا يحل السحر إلا بساحر.
وقال ابن القيم: حل السحر عن المسحور وهو نوعان، أحدهما: حل السحر بسحر مثله وهو من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن يعني أنه لا يحل السحر إلا ساحر ـ فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور، والثاني: النشر بالرقية والمعوذتين والأدوية والدعوات المباحة، وهذا جائز بمعنى ان هناك نشرة مشروعة وأخرى ممنوعة، وهذا التفريق له أثر كبير في الخلاف في هذه المسألة.
الآيات الدالة على السحر كثيرة، والأحاديث النبوية تناولت هذه القضية الحساسة وحقيقة السحر وتأثيره، وهناك من يرى أن السحر يعالج بالتداوي لأن الله عز وجل لم يضع داء إلا وله دواء.
الله عز وجل أعطانا أمرا بالتداوي، وعلينا أن نعتقد يقينا ان الله هو المداوي، والدواء لا يحدث شفاء كما لا يحدث سقما، لكن الله عز وجل يخلق الموجودات وأمرنا بالمداواة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«تداووا عباد الله فإن الله ما خلق داء إلا خلق له دواء إلا الموت أو قال الهرم».
ومضة: في ضوء «معايشتنا ورؤيتنا» لكثير من الحالات التي رأيناها رأي العين من المسحورين نؤكد أن أنفع الدواء هو الدواء المباح، وهو أنفع الأدوية وهو سلاحك لمواجهة السحر وأهله، يقويك على البلاء، وهناك ايضا الرقية الشرعية بآيات من القرآن الكريم، ثم الأعمال الصالحة من صدقة وبر وصلة رحم واستغفار وإنابة وتوبة وغيرها من العبادات، وهناك الأدوية الحسية والعينية من عسل وحبة البركة وتمرة العجوة وماء زمزم.
آخر الكلام: النصيحة، النهي عن التداوي بالحرام مثل وصف شرب الخمر والنبيذ، قال تعالى: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) الأعراف 157، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حُرِّم عليها».
زبدة الحچي: وعيد شديد ونهي أكيد من الله عز وجل لعباده عن إتيان السحرة والمشعوذين، وعلينا قراءة أثر العلماء الصالحين في تحريم السحر وأدلتهم في هذه المسألة.
لا خلاف بين أهل العلم في تحريم حل السحر بالسحر ابتداء دون الاضطرار، ولا خلاف بينهم في تقديم الرقية الشرعية في ذلك. قال الإمام النووي ـ رحمه الله: «ويحرم فعل السحر بالإجماع ومن اعتقد إباحته فهو كافر».
طبعا، هناك قائلون بجواز حل السحر بالسحر ولهم طريقة بأخذ سبع ورقات من سدر أخضر وسورة الكرسي وآيات (شغلة طويلة تحتاج إلى عرض طويل)، بعض العلماء قالوا لا بأس به (أي حل السحر بالسحر)، والرد عليهم: كيف يكفر الساحر ثم نقول يجوز حل السحر بالساحر؟!
الحقيقة الثابتة، إجماع سلف الأمة من الصحابة على حرمة هذا الأمر.
قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ في شرح «نواقض الإسلام»: السابع: السحر. ورحم الله شيخنا الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين، حيث قال: «لا يجوز حل السحر بسحر مثله، وذلك بأن يطلب من الساحر نفسه أن يبطل عمله الذي هو السحر، فإن في ذلك إقرارا له وإبقاء لعمله، مع الواجب قتله متى عرف وتحقق انه ساحر..»
واضح أن هناك مصيبة اسمها السحر لكن لا تعالج إلا وفق الشريعة، حفظكم الله جميعا ووقاكم من هذا الشر الأسود.