[email protected]
قالوا: من يدر جريدة ناجحة اليوم يحكم الشارع والمجتمع!
أعرف تماما أن ما سأكتبه اليوم هو حكم قاس على من يمتهنون الصحافة خاصة ونحن نشهد في هذه الفترة أن الصحافة صارت مهنة من لا مهنة له!
وفي زمن كثر فيه حملة أقلام «الفالصو»!
نحن يا سادة لدينا كاتب زاوية لكل مواطن، ولن احتاج الدليل كي اثبت كلامي أو اتهامي! لدينا أفواج ممن يُحسبون على الصحافة والسلطة الرابعة ويحملون هوية «صحافي» وفي الحقيقة «ما هم بصحافيين».
نظرة للصحف والمجلات والمدونات والمواقع نجدها تعج بالعشرات ان لم يكن بالمئات ممن لا يعرفون «أ، ب» صحافة!
أتذكر عندما كنت «أدسك» لبعض الكتاب زواياهم من كثر ما اشطب واضع العبارات البديلة أجدني في النهاية أمام زاوية تمثل فكري أنا لأنني كاتبها!
في السابق في الزمن الجميل كان هناك «عمالقة صحافة» تقف أمام تاريخ الواحد منهم وتتعلم وتقتبس وتفرح اذا نلت توجيها وتعليما منهم، لكن الحال اليوم تغير!
كان الوسط كله شبه محترف حتى الوسطاء واقصد بهم الذين هم يمارسون «الدسك» ورؤساء الأقسام وحتى العاملون في الأرشيف والمراكز المعلوماتية والمترجمون والمراسلون «كل هؤلاء» يعملون كفريق واحد لإنجاح المحرر وإخراج الخبر صح 100%!
ما أحوجنا اليوم ان نلتفت قليلا الى الوراء ونتعلم من كل أولئك الذين عملونا وتركوا «مدارسهم الصحافية» ثروة لا تنضب يأخذ منها الحاليون واللاحقون.
قال الشاعر:
تجوبين مثل الأثير الفضا
فنقرأ في صفحتيك السير
فإن الصحافة عقل الشعوب
تمثل أفكارهم كالصور
في ذاكرتي مدارس صحافية تعلمت منها في أوائل أيامي عندما قررت ان اكون صحافيا ومتخصصا في أخذ دور المراسل الحربي، وأنا ممنون لكل من علمني حرفا وأخص بالذكر كلا من الأساتذة:
1- علي بن يوسف الرومي، رحمه الله
2- الأستاذ يوسف العليان ـ رحمه الله ـ أستاذنا وتاج على رؤوسنا
3 - عبدالفتاح المليجي، رحمه الله
4 - سليمان مظهر
5 - محمد خالد قطمة، رحمه الله
6 - الاستاذ يحيى حمزة
7 - الاستاذ نبيل الخضر
8 - إلياس خرستو
9- محمد يوسف
10 - عبدالستار ناجي
11 - علي عباس، رحمه الله
12 حمزة عليان
13- الاستاذ محمد العجيري «الذي يجب ان يكرم على مستوى الدولة، أداء وظيفي وخرج نظيف اليد والسيرة»!
قال ابن زيدون:
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم
رأيا ولم نتقلد غيره دينا
لقد تعلمت من هؤلاء وهم «فريق» من الخبرات وأدين لهم بالفضل بعد الله ولقد شجعوني وعلموني وأنا مدين لهم وأفخر بهذا الشرف المهني فكل واحد منهم له ركيزة في حياتي صقلوا موهبتي، وأنا مسرور أن تعلمت على أيديهم الكريمة، واعتز وافتخر بهم جميعا وغيرهم مما سقط من الذاكرة!
مشكلة عويصة يعيشها الصحافي هي نكران الجميل وجحود من علمه!
في إحدى الدورات الصحافية سألت الحاضرين وكانوا دون العشرين فردا من منكم يريد ان يكون مثلي مراسلا صحافيا حربيا مختصا في نقل وقائع الحروب والقضايا الساخنة؟
رفع الحضور أيديهم وكانوا كثرة من الرجال بأنهم على استعداد لتعلم هذا الفن واللون الصحافي! وهنا أكملت من يستعرض لي اسماء «مراسلين عظماء» في التاريخ الحديث حتى نسير على خطاهم؟ لم يرفع اصبعه أحد!
هنا التفت إلى أهمية وجود جهة توفر هذا الغطاء من العلم الصحافي والمعلومات عبر دورات مكثفة، واعتقد ان جمعية الصحافيين الكويتية هي الجهة المؤهلة لممارسة هذا الدور، اضافة الى جهات أخرى مثل وكالة الأنباء الكويتية (كونا) وغيرها من جهات الاختصاص.
سر العظمة والعظماء فيما اطرح اليوم انني ادعو كل الزملاء للتواضع والتأمل بعيدا عن العظمة الزائفة!!
ومضة: 150 عاما مرت على جيل من الصحافيين وهم «جيل فريد» واجهوا التحديات وغطوا حروبا أهلية مثل الحرب الأهلية الأميركية وغيرها وكانوا بالفعل «نماذج باهرة» من البشر وكانوا وكالات أنباء حقيقية في المراسلة الأجنبية الصحافية في «رويترز» التي تأسست عام 1851 أو صحيفة «التايمز» اللندنية العريقة أو وكالة الاسوشيتيدبرس التي تأسست في عام 1861 في واشنطن، هذه هي المدارس الصحافية التي نقلت الأخبار عبر «مراسلين جهابذة مخلصين لمهنتهم» ونقلوا الوقائع بكل المهنية والاحترافية والمصداقية وايضا يجب ان نذكر الـ«نيويورك تايمز» التي تأسست عام 1860.
آخر الكلام: أيها الصحافي الجديد اعلم واحفظ ان من سأذكرهم لك اليوم هم من تركوا بصمة في الصحافة العالمية وهم:
1- وليام هوارد رسل: هو من اخترع المراسلة الحربية ونقل الاحداث من المواقع الحربية الساخنة.
2- إدنا بوكانان: أفضل مراسلة صحافية متخصصة في عرض الجرائم.
3- أ.ج لايبلنغ: ملك الكتابة الظريفة وفقا لمعايير الكتابة حينذاك.
4- جورج سلدز: مراسل اثار في تقاريره حنق وكره المسؤولين.
5- نيللي بلاي: أفضل مراسلة متخفية في التاريخ.
6- ريتشارد هاردنغ ديفيز: أحد أهم المراسلين الصحافيين الذين يصفون الأحداث «أدب الكتابة».
7- جي.أ. ماك غاهان: اعظم كاتب للتقارير الصحافية الاخبارية.
8- جيمس كاميرون: محرر مختص بالشؤون الاجنبية «الخارجيات».
9- فلويد جيبونز: المحرر المتفوق في مهمته دائما «صاحب المهمات الصعبة».
10- هيو مكلفاني: أفضل صحافي استعمل الكلمات الصحافية في الصحافة.
11- ايرني بايل: المراسل الذي لم ينس الناس الذين كتب لأجلهم والذي عرف بقربه من قارئه وتلمس مشاكله.
12- ماير بوغر: شيخ المراسلين على الاطلاق لتميزه.
كلهم كان شعارهم ان الجندي الذي يفر من المعركة ليس اشد جرما من الصحافي الذي يلزم الصمت حين يتعرض وطنك للخطر!
زبدة الحچي: أمام هذا التاريخ كله اتوقف واترك للقطاع الصحافي في الكويت وخارجه «لحظة تأمل» فيما كتبت، فوالله أحيانا اشوف العجب من هؤلاء الجدد الذين يجلس الواحد منهم امامك وانت تحدثه عن أهمية وضرورة بناء نفسه صحافيا ليقول لك: يا سيدي متى ينزل اسمي وصورتي على الصفحة الأولى!
علما ان احدهم سلم شريطا مسجلا وصفحة بيضاء كتب فيها فلان...!
وتضحك.. يالحبيب من سيفرغ لك الشريط؟
لا يكون أنا!.. فعلا «بروي» صحافة!
إنها صحافة آخر زمن!