[email protected]
في ظل ما يشهده مجتمعنا من ركود وإقبال متزايد على الشراء بالتقسيط، بات المواطن يبحث في السوق الكويتي، وهو اليوم ساحة تنافسية مفتوحة تناسب حجم الطلب من المستهلك، فتعالوا نشوف كيف تحولت حياتنا إلى أقساط لا تنتهي تبدأ بقسط السيارة والزواج والسكن والكماليات... الخ.
وتذكر قبل ان تقدم على الاقساط أن «الدَّين» مجمع كل بؤس: همّ في الليل وذل في النهار!
من المؤكد أن التقسيط ممارسة تجارية لاقت رواجا وستظل مسيطرة الى أمد بعيد على «حال المستهلكين»، أما أصحاب «المال» فهم كما يقولون: ما يمدح السوق إلا من ربح فيه!
طبعا هناك جهات لا يعلمها إلا الله تراقب الوضع وتزين هذا الوضع للمواطن بأن ظاهرة التقسيط ظاهرة صحية!
وهنا أضحك! فنحن «المستجير بالتقسيط» كالمستجير من الرمضاء بالنار!
الموظفون مساكين، سواء كانوا مواطنين أو وافدين، فالكل يركض حتى يحصل على قرض، وما إن يسكره حتى يدخل في الثاني ما لم يكن الثالث أو الرابع، وهناك في البنوك «شغلة» اسمها «القرض البلوني»، وهذا لولا وجود البنك المركزي لوجدتم عامة الناس الآن في السجون!
المطلوب فعلا ان يتدخل «المركزي» أكثر في قضية تسهيلات الاقساط للمقترضين، خاصة أولئك الذين لا تسمح لهم رواتبهم بمزيد من الاقساط، فما بالكم بالبلوني؟!
وهنا المواطن أو الوافد المقترض «يكيش» له قرضه القديم بقرض جديد!
قال الشاعر:
يعاتبني في الدين قومي وإنما
تداينتُ في أشياء تكسبهم حمدا
إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم
وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
ومضة: الإقدام على بوابة الأقساط هذه خطوة تفتقر الى الحصافة، واعلم يقينا ان السبب الرئيسي هو قلة الموارد، ولكن الطامة الكبرى ان يعتقد المواطن او الوافد ان التقسيط هو رادع له عن البذخ والإسراف!
قال سفيان الثوري: الدين هم بالليل وذل بالنهار، فاذا اراد الله ان يذل عبدا جعله قلادة في عنقه!
آخر الكلام: حياتنا تحولت الى «مراحل من الأقساط» تشتري سيارتك بالأقساط، ثم تدخل القفص الذهبي أقساطا، ثم تظل تدفع أقساطا لبيتك حتى تزور الصليبخات!
وآخر تقليعة أقساطية سمعتها من شاب ثلاثيني انه يأخذ الأقساط للاكسسوارات الحياتية!
الأقساط للحر الذي يكره الأقساط بلوى، وهي عامل ضغط مستمر على مزاجه، وكما تقول الأغلبية: صحيح الأقساط حل ولكنها حل متعب!
زبدة الحچي: يظل رضينا أم زعلنا أم وافقنا اعتراضنا حلا للكثير من المواطنين والمقيمين.
يقول لي احد الاقتصاديين المحليين الذين أثق بتحليلاتهم: ان التقسيط سيتزايد بصورة كبيرة خلال السنوات الخمس المقبلة لانه الطريق الوحيد للإنقاذ بالنسبة للمدين ومن خلاله يحقق الموازنة.
الموضوع غاية في الأهمية والتعقيد، وحاولت ان أبسطه للعامة وان يقبل به ويرتضيه الخاصة من أصحاب التخصص بعيدا عن مقولة «قل خيرا تغنم.. واسكت عن الشر تسلم».
ربنا يفك أقساط كل مقترض، ونصيحتي ان يلون كل شخص حياته على شرط ألا يضع «نظارة» سوداء على عينيه تحجب عنه الرؤية، وخير الناس من يضع رأسه على الوسادة (المخدة) وهو خال من الأقساط!
انه والله سراب خادع لو تعلمون عظيم!
لا تتهاون عزيزي القارئ بالأقساط!
وحاول ان ترتب حياتك بعيدا عن هذا الغول المارد وبعيدا عن حسابات البراهين وذلك بتذكر الشبهات!
حكمة الحياة تقول: انقل الصخر واحمل الحديد فلن ترى أثقل من الدين.
اللهم بلغت، اللهم فاشهد!