[email protected]
استقالت بالأمس وزيرة التنمية الدولية البريطانية بريتي باتيل من منصبها، بسبب لقاءات لها غير معلنة مع مسؤولين في إسرائيل، خلال عطلة «الويك اند» في شهر أغسطس الماضي!
استقبلتها رئيسة الوزراء تيريزا ماي في مكتبها وتسلمت خطابها الذي اعتذرت فيه بكل شفافية قائلة إنها تسببت في التشويش على عمل الحكومة! فيما ردت ماي في خطاب بالقول إنها تعتقد أن باتيل اتخذت القرار الصائب!
تصوروا الوزيرة كانت في زيارة إلى أوغندا في جولة أفريقية وعادت إلى لندن مختصرة زيارتها «خلّف الله علينا»!
وتعود قصة الاستقالة إلى أن معالي الوزيرة اضطرت إلى الاستقالة بعد الكشف عن 12 لقاء أجرتها مع مسؤولين إسرائيليين بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أثناء عطلة عائلية أمضتها في إسرائيل في شهر أغسطس 2017 بغير علم حكومتها!!
طبعا واضح أنها التقت مجموعة ضغط مؤيدة لإسرائيل تسمى (أصدقاء إسرائيل المحافظون).. ويا رب تكشف (أصدقاء إسرائيل السريين)!
تم تسريب اللقاء بتعمد إسرائيلي خاصة فيما يتعلق بما قالته (الوزيرة) مع محاوريها الإسرائيليين في إمكانية تمويل المساعدات التي يقدمها الجيش الإسرائيلي للجرحى السوريين في مستشفيات الجولان!
طبعا هذا الأمر للحقيقة مرده إلى أن بريطانيا رغم أنها الداعمة لوعد بلفور الشهير إلا أنها في السنوات الأخيرة بعد الضغط العربي والإسلامي عليها بدأت تعارض ضم إسرائيل للجولان المحتلة!
وهذا يعني أن الموقف البريطاني الرسمي رافض لتمويل الجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان المحتلة، وهذا يعني أيضا أن الحكومة البريطانية تخطئ الوزيرة التي إما عملت هذا بقصد أو من غير قصد!
طبعا أهل الدماء الباردة في بريطانيا «مو مثلنا يوبخون بس!.. لا حط استقالتك وارحل!».
ومضة: يا الله كم وزير عندنا «سوّا» كوارث وجمّد كفاءات و.. و.. و، ونجا بفعلته دون أي محاسبة، لا وبعضهم كوفئ بعودة مرة أخرى ليواصل مصائبه في المنصب!
آخر الكلام: أنا شخصيا أحيي حكومة بريطانيا برئاسة تيريزا ماي وهذه الاستقالة- وهي الثانية في التشكيل الحكومي- التي تهز المجتمع البريطاني بسلسلة من الفضائح!
طبعا أُذكِّر بالاستقالة الأولى وهي من وزير الدفاع مايكل فالون الذي استقال في مطلع نوفمبر 2017 بسبب فضيحة تحرش جنسي هزت الطبقة السياسية وهددت استقالته أيضا وزيرا مقربا آخر من ماي، وهو نائبها داميان غرين، وكذلك وزير الدولة للتجارة الدولية مارك غارنيير!
زبدة الحچي: أنا أقول «حق» تيريزا ماي: «زين سويتي، والله ما يچيبها إلا نسوانها!».
وهكذا تثبت الثقافة البريطانية أنها قادرة على الإطاحة بكل الساسة الذين لا يلتزمون بالدستور البريطاني وسياسة الحكومة.
بقي أن أقول إن مغادرة الوزيرة باتيل المؤيدة بشدة للانفصال البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست) ستؤدي إلى إضعاف الفريق الحكومي في هذا الملف الساخن، خاصة أن الحكومة البريطانية تخوض مفاوضات صعبة وحيوية مع بروكسل بهذا الشأن.
لا أحب الخوض في السياسة، لكن بريطانيا (الطرف الأغر) وأعرافها جعلتني أمسك القلم لتحية مسؤول رفيع ووزير مستقيل بلا صيحة وتهديد!
هي «بريطانيا» التي لا تغيب عنها اللعبة والقرار!