[email protected]
قضايا كثيرة في حياتنا ومجتمعاتنا لا تزال موضع اختلاف وجدال وحوار ونقاش ولم ولن تحسم ولم يستقر بشأنها اتفاق عام كامل وهي منظورة ومتداولة في كل دواويننا ومنتدياتنا وجمعياتنا، وحتى في بيوتنا، وفي أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وفي التواصل الاجتماعي «الميديا» عبر الشبكة العنبكوتية (الإنترنت) الذي بات يسيطر على جميع «حچينا» في فئاته «التويتر - الفيسبوك ـ الانستغرام». المشكلة الآن تكمن في خطورة «التلقي» بعد ان غاب دور المدرسة المسؤول عن التعليم والتثقيف، فالمخرجات القديمة «قوية»، أما اليوم فالمدرسة «والله العظيم» ما عادت تعلّم مع الأسف!
أنا كمعلم وصحافي أنظر إلى واقع «الشباب» ليس على صعيد الكويت فقط «لا» وإنما على امتداد الوطن العربي والعالم الاسلامي، وقد يسألني قارئ:
ما سر الخوف؟
الخوف غياب دور «الآباء ـ الأمهات» عن هؤلاء الشباب وايضا غياب الأدوار المكملة مثل «المدرسة ـ المسجد ـ جمعيات النفع العام ـ القطاع المدني».
في السابق كانت كل قطاعات المجتمع المدني تعلم وتربي، وكان دور البيت على الدوام أساسيا.. لكن اليوم هناك مشكلة ومشكلة كبيرة هي غياب «المسؤولية الاجتماعية» كل في مكانه وزمانه وطفرة تسيد الأجهزة الذكية في حياة الناس.
ومضة: إن الشباب الكويتي وغيره هنا وهناك بحاجة إلى جهود جادة مخلصة من «الحكام والمحكومين» حتى لا تكبر الفجوة خاصة في ظل تزايد ظهور «دعوات التكفير» من الذين أراهم يحسنون الاستقطاب والاحتواء عبر الأجهزة الذكية!
ولا تزال حكومتنا ترد عليهم في أجهزتها الرسمية عبر وزارتي الإعلام والأوقاف أو حتى ورقيا!
يا سادة.. العالم يقفز بآلياته الجديدة والحديثة في «الميديا» ونحن نرد عبر وسائل «خطاب قديمة» والدماء لاتزال تراق وتقطر هنا وهناك باسم الكفر والجاهلية والردة!
نحن بحاجة الى «حوار» الآن وليس مصادمة مع هذه الفئات «العنكبوتية التي تعيش في الظلام وتخاف النور»!
نريد «محللا» يعي هذه الأفكار العقيمة الخبيثة في أجهزة «الحماس والعزلة»!
أنا لا أتكلم هنا عن «مواجهات صحافية» وأساليب تخويف واتهام وتكفير وهجرة!
يا سادة.. هؤلاء «الشباب المضلل» بحاجة الى خبراء نفس وقادة يعرفون الشريعة ونشطاء وسطيين يعرفون الرد على هؤلاء المتطرفين الذين نجحوا مع الأسف في «قصص اثارة وأفلام رعب» شاهدها كل الناس عبر تنظيم «داعش»، وهي «لقطات هوليوودية» احترافية وتمويل مالي واحترافي على كل صعيد!
ما يدفعني اليوم للكتابة هذه هو ردود الأفعال العربية في الإعلام على كل عمليات الانتحار والتفجير وكأن الأمر بعيد عنا جميعا!
الكل آثم في هذه المأساة المحزنة لأنه يمارس الصمت!
آخر الكلام: لا بد من «إحياء ديني» يناقش هذه الأفكار المنحرفة ويوعي «الشباب»، وهذه ليست وظيفة الدولة فقط، وإنما قضية مجتمع كامل حكاما ومحكومين، ولا بد من الاقتراب من الشباب خصوصا ومعايشة أفكارهم ونمط تفكيرهم وحماستهم وتحويل حماستهم للإسلام، وهذا شيء طيب، الى وسطية وانتماء وسلام بعيدا عن «الجاهلية والتكفير» لا بالغلو في ظاهرة التطرف حتى إنهم نجحوا في جعل كل «الجهات الدينية الوسطية» تخاف من طرح فعالياتها خوفا من ان تصاب باتهامات التدين والتطرف.
أيها السادة.. المسؤولية كبيرة في هذه المأساة وأراها تقع على عاتق العلماء الباحثين وأولي الرأي والفكر والوسطية والمثقفين والمختصين، والمرجو أن يجلس هؤلاء ويناقشوا في بحث علمي هذه الظواهر «المهلكة المدمرة» للشباب ويفندوا هذه «الفتاوى» الضالة المضلة التي ليس لها رصيد من الكتاب والسنة حتى انهم نجحوا اليوم ايضا في فصلنا كمسلمين عن غيرنا لأن الآخرين خافوا «منا» لسكوتنا!
ما أحوجنا الى مناقشة «الحاكمية» وتعريف من هو الطاغوت وجميع المصطلحات المتداولة بالبحث والتحليل عن بصيرة خاصة في مداخل الانحراف والعوج الفكري!
لقد تعلمنا ديننا من الكتاب والسنة ورسولنا صلى الله عليه وسلم وهو «الموثوق» وعداه يخطئ في اجتهاده ويصيب، ولهذا أدعو إلى حملات شاملة للتوعية بقضايا خطيرة مثل مصطلح «الحاكمية» بعيدا عن تنفيرات سيد قطب.
زبدة الحچي: نحن الآن في العام 1439 هـ الموافق 2018م ومازال بعض شباب الاسلام يقولون: «من لم يكفّر الكافر فهو كافر»، إنه التاريخ الذي يعاد منذ أيام الخوارج الذين رفعوا شعارا كلنا درسناه وقرأناه «لا حكم إلا لله»!
رحمك الله أبا تراب الإمام علي بن أبي طالب الذي رد عليهم قائلا: «نعم لا حكم إلا لله ولكن لا بد للناس من أمير».
وبعيدا عن تاريخ التكفير والتحكيم أؤكد ضرورة التصدي لهؤلاء الذين يحملون هذه الأفكار ويريدون فرضها على الشباب في حين دعا «إسلامنا الوسطي الى الجماعة» لكن المشكلة تبقى في تفسير النصوص!
عالمنا يعج الآن بالفتن، والشباب الله يعينهم في عمليات الاستقطاب والاحتضان والاحتواء وبعضهم «دخل التيه»!
وبعضهم لا يزال يبحث عن أهل الحل والعقد!
وبعضهم في ظلام العزلة وفتنة التعالي والمفاصلة ورفض هذه المجتمعات بالعزلة والدعوة لمقاطعة كل أنواع الانتخابات وبعضهم وصل لحد انه يعتبر «المساجد» معابد جاهلية!
يا سادة، يا كل مسؤول عن هؤلاء الشباب نريد خطوة جريئة تخاطب هؤلاء الشباب قبل ان يدخلوا باب «الكره» لكل شيء ولا نجاة لنا من هذه الفتن إلا بالمبادرة!
اقرأوا سورة الحشر آية 5: (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين).
في رأيي انه لا علاج لهذه الجهالات كلها الا بإسناد الأمر لأصحاب «الرد الإسلامي» الحصيف الملم بالشريعة الحافظ للقوانين المدنية وأصحاب الحوار المستنير في بيان حقيقة الإسلام وسماحته وعدله ورفقه، فمن ينتشل هؤلاء الشباب المغرر بهم من الجور والتلفيق والفتنة والانحراف الى الرحمة والحجة البالغة عبر «حوار يخلو من الجمود» وبعيدا عن التطرف؟ والله ثم تالله إنها مسؤولية العلماء لمستقبل واعد بعيدا عن التطرف والمتطرفين.
اللهم بلغت فاللهم فاشهد!
لقد بلغ السيل الزبى وضاقت ببعض الشباب الباحث عن الحقيقة الدنيا بما رحبت.. فمن يمد يد النجاة؟!