[email protected]
انتقل إلى رحمة الله المربي الأستاذ الدكتور يعقوب أحمد الشراح - طيب الله ثراه ومثواه وكيل وزارة التربية المساعد وعضو مجلس ادارة جمعية المعلمين وعضو مجلس الجمعية الخيرية للتضامن الاجتماعي والذي وورى جثمانه الثرى عصر الاربعاء 5 من ذي القعدة 1439هـ الموافق 18/7/2018م عن عمر يناهز 74 عاما.
زاملته في جمعية المعلمين وأثناء وجودي في مدرسة صقر الشبيب حيث كان يزور الاستاذ المربي الفاضل محمد عبدالرحمن الفارس، أثناء انعقاد كنترول الثانوية العامة وكذلك في المؤتمرات والملتقيات التربوية وعندما كنت مسؤولا عن الصفحة التربوية في «الأنباء» وغيرها من مواضع الالتقاء في الحياة.
فمن هو هذا المربي القدير د.يعقوب احمد الشراح؟
يجيب د.يعقوب الشراح، رحمه الله، على هذا السؤال لاخواني الزملاء في مجلة «المعلم» التي تصدرها جمعية المعلمين ونشر في 7 أكتوبر 2017 وقد اجرى اللقاء الزميل داوود مبارك يقول: قضيت 27 عاما منذ ان كنت مدرسا لمادة العلوم في المرحلة الثانوية التابعة لوزارة التربية حيث ابتدأت العمل فيها مدرسا ثم موجها ثم وكيلا لوزارة التربية لفترة طويلة، وقد اكتسبت الكثير من الخبرات في مجال التعليم، وانا مازلت احب التدريس والتعليم، وأقبل العمل في هذا المجال رغم تعدد المناصب الادارية والفنية والاعمال التي قمت بها والتي مازلت أقوم بها، لكن التعليم يستهويني كثيرا، سواء من خلال تأهيلي في هذا المجال او من خلال خبرتي الطويلة، كما تربطني بجمعية المعلمين علاقة وثيقة منذ بداية تأسيسها عندما كنت عضوا في مجلس الادارة، فأنا كنت من مؤسسي مجلة «المعلم» وكانت وقتها تسمى «الرائد» أيام وزير التربية السابق المرحوم خالد المسعود، لذلك أجد أن هذه المجلة من المجلات التربوية التي أكن لها كل تقدير واحترام، وأجد أنها تأسست على قواعد ثابتة وراسخة لفترة طويلة وتطورت الى ان وصلت الى ما وصلت اليه الآن.
٭ وعن خبرته التربوية والتعليمية يواصل:
لا شك في أنني امتلك خبرة متراكمة وكبيرة جدا، وكان هناك الكثير من التحديات والصعوبات التي نواجهها في قضايا كثيرة، منها قضية تطوير المناهج، وقضية إدخال نظام المقررات في المرحلة الثانوية، وقضية وضع الأهداف العامة للتعليم، حيث ان الاهداف لم تكن مصاغة بشكل جيد في السبعينيات، وهناك ايضا قضية الاهداف الخاصة للمراحل التعليمية التي لم تكن اصلا موجودة في وزارة التربية في ذلك الوقت، وقد عملنا عليها بشكل كبير من خلال لجان متخصصة تتكون من الوكلاء، وكذلك عملية تطوير المعلم وايجاد مراكز لتدريب المعلم ومتابعة قضاياه، وغير ذلك من المشاكل الكثيرة، فلم تكن الوزارة في ذلك الوقت متكاملة في كل جوانب العملية التعليمية، وكانت البدايات الأولى في بداية السبعينيات واستطعنا ولله الحمد أن نطور المناهج.
٭ ويعطي المعلم في حديثه أولوية واهتماما قائلا:
ابرز القضايا التي تشغل بالنا حاليا هي الاهتمام بالمعلم بشكل عام، وان نرفع من مستوى ادائه من خلال التدريب والمتابعة وتقديم الحوافز، وعلينا ان نقيّم اداء المعلم بشكل صحيح، ونثق به بشكل كبير، وعلينا في نفس الوقت الا نترك الأمور دون تأكيد وضمان ان المعلم يؤدي عمله على الوجه الصحيح والاكمل لان مصير ابنائنا بيده وبالتالي ليس هناك ضمان حقيقي لتطوير التعليم ولتحقيق ابنائنا للانجازات الكبيرة دون ان نثق بالمعلم ونتأكد تماما انه قادر ومؤهل تربويا وعلميا لكي يستطيع ان يؤدي واجبه المطلوب منه، واعتقد ان هذه قضية جوهرية في هذا المجال، وهذا يستدعي ان نوفر امكانات كثيرة ونضع استراتيجيات للمعلم ونضع نظاما للمتابعة لقضاياه الكثيرة وان نلتقي الجهات الاخرى المعنية بالمعلم كجمعية المعلمين ومؤسسات التعليم المختلفة في المجتمع، والقطاعين العام والخاص ووزارة التربية، فكل الجهود يجب ان تلتقي من خلال مجلس اعلى مثلا للمعلم تشارك فيه كل هذه الجهات لكي تقوم بهذا الدور وتضع الخطط والاستراتيجيات لتطوير المعلم والاهتمام به بشكل كبير، فكما نعرف عندما ننظر الآن للمعلمين في سنغافورة مثلا، او في فنلندا، وهما من الدول المتقدمة في مجال التعليم نجد ان التركيز فيهما على المعلم، اما بالنسبة للمناهج والامور الاخرى، فبالرغم من اهميتها، لكنها ليست بنفس الاهمية ولا تشكل اي مشكلة، لكن يجب التركيز على المعلم، ولا يتم تعيين المعلم في هذه الدول ما لم يكن حاصلا على مؤهل عال كالماجستير والدكتوراه، والمعلم له مكانة اجتماعية في هذه المجتمعات، فالمجتمع ينظر اليه على انه يحمل رسالة راقية ومتمكن وقادر، لان اولياء الامور يضعون ابناءهم في أيدي هؤلاء المعلمين، ونفس الشيء نجده في اليابان ايضا، فالمعلم يلقى اهمية كبيرة بالغة ومكانة اجتماعية تفوق مكانة الوزير او اي مسؤول كبير في الدولة، ولا يتم التعيين في سلك التدريس بسهولة لكن هناك شروطا واضحة وليس هناك مجال للتجاوز في هذا الأمر، لان مستقبل البلد يقع على عاتق المعلم، وبالتالي فهذه من القضايا التي اتمنى ان تهتم بها.
٭ وعن مشواره الطويل في التربية يواصل بورائد الحديث الصريح لمجلة «المعلم» قائلا:
بالنسبة لمشواري التربوي، فان اي مرحلة من مراحل التعليم تكون متميزة بحد ذاتها، فكل مرحلة تختلف عن الاخرى، فعند التحدث عن تميز المرحلة التعليمية في حقبة السبعينيات، نجد ان التميز هذا يختلف بسبب الظروف التي كانت سائدة في ذلك الوقت، ثم اختلف الوضع بعد ذلك في الثمانينيات وفي منتصفها بسبب الاوضاع السياسية في البلد ونتيجة للمشكلات السياسية التي حدثت سواء في المجلس النيابي عندما تم حل المجلس او حل الحكومة، والصراع الذي كان يدور بين القوى السياسية في منتصف الثمانينيات، مثل عام 1985 وعام 1986 ما ادى الى تداعيات كبيرة وخطيرة على النظام التعليمي، وانا اعتقد أن هذه كانت نقطة البداية لهدم ما تم انجازه سابقا منذ بداية الستينيات وفي فترة السبعينيات عندما تم وضع الأسس لنظام تعليمي متميز.
وكانت ايام د.يعقوب الغنيم ومن سبقه من الاخوان الوزراء الى ان وصلوا الى مرحلة الصراع السياسي في البلد، وكان المفترض ابعاد النظام التعليمي عن الصراع السياسي، لكنهم مع الاسف جعلوا النظام التعليمي هو الركن الاساسي في الصراع السياسي بين الفئات المتناحرة فيما بينها سياسيا، وهذا انعكس على التعليم فحدثت هزة كبيرة في النظام التعليمي، فانقسم النظام التعليمي او انشرخ النظام التعليمي بقياداته وبمستوياته وبالتطلعات والطموحات، بل بالعكس فان الكثير من الخطط توقفت للاسف الشديد، حيث ان بعض الوزراء جاءوا لكي يبدأوا من الصفر ويلغوا ما تم عمله طوال السنوات السابقة.
ومضة:
رحم الله المربي الاستاذ يعقوب الشراح، فلقد اعطى عمره للتربية والتعليم والعمل النقابي والعمل الانساني بكل صوره الجميلة، ومن يقرأ ارشيفه الذي يخص التربية والتعليم والعمل النقابي والشعبي والتطوعي يجد الكثير من آرائه ولعل ابرز ما اتذكره له قوله: ان التربية في الكويت تأثرت بعدم الاستقرار وكل سنتين او ثلاث يأتي لها وزير جديد.
وقوله: لابد ان يكون لجمعية المعلمين دور في وضع استراتيجية التعليم.
آخر الكلام:
ودعت الكويت أحد رجال التربية الذين عاشوا الزمن الجميل السابق وكان د.يعقوب الشراح أحد هؤلاء الكرام البررة من المربين الذين قادوا العمل التربوي والنقابي في فترة السبعينات والثمانينات وهو واحد من النماذج الكويتية التي قادت التربية من خلال 27 سنة خبرة في الحقل التربوي مدرجا من معلم الى موجه الى وكيل.
زبدة الحچي:
نعزي أسرة الشراح بهذا المصاب الجلل ومحبيه وأهله ونسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة له باذن الله تعالى، فاللهم يا حنان ويا منان يا واسع الغفران اغفر له وارحمه واكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
اللهم انه نزل بك وانت خير منزول، ائته رحمتك ورضاك وقه فتنة وعذاب القبر حتى تبعثه الى جنتك يا ارحم الراحمين واجعل قبره روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار، وانزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.
اللهم انزله منزلا مباركا وانت خير المنزلين يا رب العالمين.
رحمك الله أبا رائد فقد كنت ذا خلق نظيف اليد والسيرة فإلى رحمة الله، وجزى الله خيرا كل من دعا له وانا لله وإنا إليه راجعون.