[email protected]
ساحرة.. رائعة.. مضيافة هي لا تعطيك غرفة وإنما تقول لك: أنت فرد من الأسرة!
في سبعينيات القرن الماضي ومع سفر جيلنا إلى البلدان تصدرت القاهرة وبيروت اختيارات (البيت الكويتي) عائلات وعزابية ولكل واحد وجهته.
بالأمس أتحاور مع صديق عزيز عاشق لبيروت فوجدت نفسي مدافعا عما أحب، مصر أرض الكنانة، وكما يقولون «أم الدنيا»!
كان محور خلافنا في الرأي (الفنادق) أيهما أفضل وأحسن في مصر أم في لبنان؟
كان صديقي منحازا تماما للطرف اللبناني وأشاركه الرأي في قضية العمالة والمهارة وحسن التصرف واللباقة وغيرها من أمور نسبية وظرفية «ولا تزر وازرة وزر أخرى»! إما أن يترك أثرا طيبا أو ردة فعل عنيفة وليس هناك شعب بعينه!
قلت له: أتفق معك حول ما ذكرت من أمور في التعامل الفندقي لكن هذا الأمر نسبي.. «فلو خليت خربت»!
صديقي عنده يقين بأن بيروت تملك سلسلة من الفنادق الرائعة ونحن (متفقون) معه في هذا الأمر غير أن القاهرة أيضا تملك سلسلة من الفنادق الرائعة والراقية وبعضها قديم وله تاريخه وشخوصه الذين زاروه في أزمنة منها ما هو قريب وآخر غابر في القدم بناء وتاريخا وكل هذا طبعا له دور كبير في صياغة التاريخ خاصة في زمن محمد علي باشا عندما ظهرت في عهده بالإسكندرية اللوكاندات والبنسيونات لمواجهة تدفق المهاجرين الأوروبيين إلى مصر خاصة بعد إنشاء البورصة والموانئ.
ألم يقم نابليون بونابرت بتحويل الأزبكية إلى أول حي ديبلوماسي وفندقي في مصر في القرن الـ 18؟!
في عام 1959 قام الرئيس جمال عبدالناصر وبحضور الرئيس اليوغسلافي تيتو بافتتاح فندق النيل هيلتون وبحضور الملاكم المسلم محمد علي كلاي وفرانك سيناترا وغيرهم من كبار الساسة والزعماء في العالم.
ألم تكن مقاهي القرن التاسع عشر في القاهرة هي نواة قيام حركة فندقية مصرية فيما بعد؟!
قناة السويس أكيد مشروع تاريخي قديم ازدهرت من اجله حركة الفنادق باستقبال المهندسين والكوادر الفنية القادمة من الخارج!
تنامي حركة الفنادق في مصر عبر التاريخ حول مصر الى جهة سفر سياحية أولى في المنطقة وما زالت (معالم حضارية) تفخر بها مصر - أمة العرب جمعاء.
إذن الفنادق لا أبالغ عندما أقول إنها «هبة النيل» للمسافرين القادمين من الخارج ليعيشوا أياما حلوة على نيل مصر العظيم الذي أضرع للمولى عزّ وجلّ ألا تتحكم فيه إثيوبيا أو من وراء إثيوبيا!
بالفعل، وأنا أتحاور مع صديقي عن (فنادق وسياحة مصر) أرجو أن تبقى أسطورة (مصر السياحية) ولو نظرنا للتاريخ وصفحاته لقرأنا أن الرحالة والنبلاء والقادة والمكتشفين والأثرياء والمغامرين والسياح والأدباء والفنانين جميعهم اختاروا مصر لأنها الأسطورة السياحية التي لا تنتهي!
إنني أتذكر قصة السويسري (شارل بهلر) الذي بدأ حياته بقالا ثم موظفا في بنك، وبذكائه أقنع إدارة البنك بفتح فرع في مصر لخدمة السياح، وبالفعل أنجز حلمه وفي السنوات الأولى لمجيئه لمصر امتلك الكثير من العمارات وقاد إدارة اكثر من فندق.
يذكر فندق «النيل هيلتون» في سجله ان حكيم العرب سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان عاشقا لمصر، وله في قلوب البسطاء والنخب مكانة عظيمة كما يذكر الفندق ان هذا القائد الخليجي رحمه الله (تناول طبق فول مدمس) مع سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وكان الشيخ زايد طيب الله ثراه ومثواه على رأس قائمة من الشخصيات العالمية التي زارت هذا الفندق.
٭ ومضة: حبيبي وصديقي، أنا وأنت عاشقان لبيروت وعليك أن تتواضع قليلا وتقرأ كتاب مسافر إلى مصر.. الذي كتبه الزميل محمد جمال وأنا اشتريته من مكتبة مدبولي وسأسمح لك بالقراءة وإرجاعه لي متى ما انتهيت لعلك تقف بنفسك على تاريخ مصر القديم من أيام الملوك والباشوات في التطور الفندقي.
٭ آخر الكلام: مصر بلد سواح مهما فعل «الإرهاب الآثم» فالقضية هي قضية تاريخ عريق من المجد الفندقي والسياحة وهناك كثير من المسافرين يحملون لمصر (عشقا) لضفاف النيل والأهرامات والفراعنة.
٭ زبدة الحجي: شخصية مصر مضيافة في ناسها وفنادقها، كما أنك شعرت هذا في بيروت وأشاركك الرأي أريدك أن تتذوق (الدفء المصري) خاصة من أولئك الذين صانوا تاريخ مصر السياحي ومثلما صانوه في باقي فنادق مصر التاريخية الشامخة.
هذه السطور كلمة تقدير من كاتب كويتي نجح في زيارة مصر المعطرة بفنادقها وتاريخها وناسها وحضارتها..
تحية من الكويت لمصر..
تحية لوطننا العربي المتمثل في مصر المحروسة.. المضيافة.
٭ يا صديقي: مصر بلد مضياف لكل القادمين إليه.. ولعلك تقبل دعوتي لنأخذ موعدا مع الأهرامات والنيل الخالد في (كروز نهري) ومغامرة عشاق يحبون المغامرة في بلد كل أهله أسرة كبيرة تضعك بين أهداب ورموش العين قبل الفنادق.
٭ تبقى الحقيقة: هناك (جيلان) من الشعب الكويتي، الأول المخضرم أمثالي (أوفياء) لها وسيبك مما تسمعه.. تبقى مصر نسبا وأمنا قوميا لنا، أما الجيل الجديد الذي انفتح على كل الأمم فهو والله قد لا يعي أهمية مصر، وليس في فكره وذهنه مصر، لأنه بكل صراحة «معداش» على مصر!
الأول يعرفها صح.
الثاني معذور ومغيّب.
وتبقى مصر «أم الدنيا»، رضي من رضي، وزعل من زعل.
الدنيا تدور والناس تتغير.. وعن حبك يا مصر نكتب اليوم!