وزارة الإعلام ومنذ استجواب وزيرها الأخير الذي انتهى بنتيجة (23 – 22) وهي تعد بأنها ستفعّل كامل مواد قانوني المطبوعات والمرئي، وتقول الوزارة وتكرر أنها ستقوم بتعيين مراقبين ماليين على الصحف والقنوات، وهو ما لم يحصل بعد، ولا أعتقد شخصيا أنه سيحصل على الأقل في ظل الحكومة الحالية، ولأسباب لا علاقة لوزارة الإعلام بها ويعلم الله أن وزير الإعلام بريء من تهمة التراخي في تعيين مراقبين ماليين للصحف والقنوات الفضائية، ذلك أن تطبيق مثل هذا الأمر يعلو سلطات وصلاحيات الوزير، والوزير الشيخ أحمد العبدالله بين نارين: نار تطبيق القانون وضغوطات النواب من جهة ونار عدم تطبيق القانون وإرضاء من لا يريد لهذه المادة تحديدا أن تفعّل.
هذه المادة لو فعّلت والتي تفرض وجوب تعيين مراقبين ماليين تعني أنه سيتم كشف ما لا يحب البعض أن يكشف، أو بالأصح ما لا تريد الحكومة «بكبرها» أن يتم الكشف عنه.
والمضحك في الأمر أن اجتماع مجلس الوزراء الأخير ركز على وجوب إصدار قانون حرية تبادل المعلومات، وأعتقد أن قانونا كهذا لو عرض على مجلس الأمة ومر بالأغلبية الساحقة فسيدخل في خانة التعطيل عن التنفيذ تماما كقانوني المطبوعات والمرئي اللذين عطل أهم جزء فيهما وهو كشف مصادر تمويل الصحف والقنوات الفضائية عن طريق تعيين مدققين ماليين.
من السهل على الحكومة أن تعد وترفع قوانين إلى مجلس الأمة كقانون الشفافية وقانون إبراء الذمة المالية كما دعت في اجتماعها الأخير، بل تدعمها وتمررها ولكن المشكلة و«المحك» في التنفيذ، وحكومتنا (باسم الله ما شاء الله عليها وعلى حواليها) تجيد كل شيء إلا التنفيذ، فهاهما قانوني المطبوعات والمرئي ورغم مثالبهما الدستورية، إلا أن الحكومة لم تنفذ سوى الجزء الذي يصب في صالحها فقط، وهو ملاحقة الكتاب وكتابة التقارير عنهم وعن مقالاتهم بشكل يومي، أملا في أن تجد ولو منفذا قانونيا واحدا يمكنها أن تحيل به أيا من الكتاب من معارضيها إلى القضاء بأي تهمة كانت ولو حتى كانت تهمة «إشغال طريق»، أما عندما يأتي تطبيق القانون على الرؤوس الكبيرة والبحث عن مصادر التمويل، فحاشا وكلا أن تتحرك الحكومة أو وزارة إعلامها قيد أنملة لتفعّل القانون، بل تصاب بـ «عقر بقر» مزمن.
بعد عامين من مرور قانون المطبوعات الجديد، نعلم تماما من يمول من ومن يعمل لحساب من، ولحساب من تذهب الملايين لتغطية مصروفات ماذا، وإن كانت الحكومة لا تعرف فسأزودها بمعلومة مفادها لو أن وزيرا من الحكومة أخرج دينارا واحدا من جيبه ليدفعه لشراء علبة كاكاو لعرفت الكويت كلها قبل أن يقول له البائع شكرا، فلا يوجد شيء يمكن أن يخفى في البلد، فما لا تقرأه في الصحف ستجده في المدونات وما لا ينشر في المدونات ستجده في ديوانية «شياب» يتم تداوله وعلانية وبتفصيل ممل.
لا نريد مزيدا من القوانين، بل نريد أن يطبق القانون على الجميع، وأن تفعّل القوانين كاملة لا أن تأتي عرجاء، فمادة تفعل وأخرى تهمل وثالثة تنسى، فالذي يستطيع كسر ساق القانون يستطيع جبرها أيضا.
أكرر.. وزير الإعلام بريء تماما من تهمة تعطيل تفعيل قانوني المطبوعات والمرئي والمسموع، خاصة فيما يتعلق بتعيين مراقبين ماليين لأن الأمر يفوق صلاحياته السياسية.
[email protected]