هكذا ودون مقدمات ورغم أنه لم يكن لدى أي منا لا نحن الشعب ولا حكومتنا «عندنا من الشر طاري»، يأتي وزير سابق ويقترح أن ترفع الحكومة سعر ليتر البنزين إلى 150 فلسا، الوزير السابق الذي يبدو أنها لا تفرق معه سواء كان سعر الليتر 50 فلسا أو 500 فلس، يريد أن يثبت أن قلبه على البلد، وأن بطينه الأيسر لا يضخ سوى دماء الولاء لهذا الوطن وأن أذين قلبه لا يستقبل سوى كريات دم استبدل هيموغلوبينها بخلايا عشق الوطن.
دمه يحترق - الله لا يفور دمه كما فور دمي - على الوطن وعلى مقدرات الوطن إلى درجة أنه يصرخ في الحكومة: «تكفون زيدوا سعر ليتر البنزين»، أنا شخصيا ولأنني مواطن على قد حالي سمعتها كالتالي: «تكفون أحرقوا الشعب أكثر ما هو محروق».
هل يعي الوزير السابق ماذا تعني زيادة سعر المحروقات في البلد، وزيادتها إلى الضعف بحسب دعوته (الله لا يستجيب لدعوته)؟ يعني أن كل شيء سيرتفع في البلد، الخبز والمواصلات والحديد والأغذية وكلها على ظهر عذر «زادوا البنزين» كما سنسمعها من التجار بعد الزيادة.
فلو زاد سعر ليتر البنزين كما يريد ويتمنى لتقلصت القوة الشرائية لرواتب جميع الموظفين إلى النصف تماما، فمن يتسلم الآن 500 دينار سيصبح كما لو أنه يتسلم 250 دينارا، فكل شيء سيزيد إلى الضعف بشكل طردي.
صحيح أنه يمكنك أن تحكم الزيادات الناشئة عن زيادة أسعار المحروقات في البلدان المتقدمة التي تعي وتعرف متى ولماذا تزيد أسعار المحروقات؟ أما في بلد كالكويت، بلد حكومته لا تستطيع أن تسيطر على قناتين و3 قطع في جليب الشيوخ، فلن تستطيع أن تسيطر على موجة سونامي الغلاء التي ستتسبب فيها زيادة سعر ليتر البنزين.
يبدو أن الوزير السابق وبعد مذكرة دفاعه عن سيارة سمو رئيس مجلس الوزراء يريد أن يوجه رسالة إلى القيادة السياسية فحواها: «أنا مستعد أحرق جيوب ثلاثة أرباع الشعب بس تكفون حطوني وزير».
هداك الله وأعان عليك قراءك يا سعادة الوزير السابق، أما أنت القائل ذات لقاء إن الكويتي يدفع في باريس 20 دينارا كبقشيش في مطعم باريسي، ومن هذا التصريح علمت أن تعيش في كوكب آخر أو في فلك مالي آخر لا يعيشه 99% من الكويتيين، فنحن الكويتيين من جماعة الـ 99% لا ندفع بقشيشا بهذا الرقم لا في باريس ولا حتى لو صح لنا دخول مطعم سكيتش في لندن.
لذا إذا كان قلبك محروقا على البلد وعلى ثروته الضائعة على البنزين الذي يحرقه الشباب في «القز»، فاطلب من الكاشير، إذا ذهبت لتملأ خزان سيارتك، أن يحاسبك على 150 فلسا لليتر كنوع من المبادرة الذاتية من قبل معاليك، أما نحن الفقراء من جماعة الـ 99% ممن لا نستطيع حتى أن نتعشى في مطعم 4 نجوم في ديرتنا ناهيك عن أن ندفع 20 دينارا كبقشيش في مطعم باريسي فاخر، فسندفع الـ 50 والـ 65 فلسا المقررة بحسب التسعيرة وكان الله غفورا رحيما.
صدق اللمبي: أحب مشاهدة أفلام اللمبي وإن كنت لست مضطرا لاحترامه، وكلما تذكرت محمد سعد في فيلم «اللي بالي بالك» يقول «السيد رئيس لجنة حموم الإنسان» أضحك وهو يعيد ليصلحها «قصدي لجنة حروق الإنسان».
[email protected]