من يقل ان الصراع السياسي في الكويت نيابي ـ حكومي أو حتى نيابي ـ نيابي أو قد يذهب بخياله إلى أبعد مدى ويقول ان الصراع حكومي ـ حكومي في بعض أوجهه، هو شخص لا يفقه شيئا بالسياسة الكويتية إلا بقدر ما يفقه «بياعة الجراغيات» بطريقة تشغيل مفاعل نطنز الإيراني.
الصراع في الكويت له أوجه أشمل وأكبر وأعم وأشمل وأخطر، فالصراع الذي يبدو أن الجميع باتوا يعرفونه جيدا ويعونه ولكنهم يتحاشون الخوض فيه بشكل مباشر، هو صراع شيوخ بشيوخ وتجار ضد شيوخ والعكس وعلى جبهة أخرى تجار تضرب تجارا.
ودعوا عنكم ما حصل خلال الجلستين الماضيتين وما قبلهما فكل تلك التصريحات التي تخللت الجلستين أو سبقتهما ما هي إلا ألسنة اللهب الصادر من نيران الصراع الثلاثي الوجه الذي ابتليت به البلد، الأمر برمته صراع على السلطة والنفوذ والمال، لا وطن ولا مصلحة عامة ولا ذود عن حمى ومصالح الشعب.
الولاءات تشترى بالكيلو وبأرخص من سعر طن الطماطم هذه الأيام، وعليك أن تعرف كيف ومن تشتري والأهم بـ «كم؟»، وليست لدي أدنى مشكلة كمواطن بالمتصارعين شيوخا كانوا أم تجارا فليسوا هم قضيتي الآن على الأقل، وليسوا قضية مهمة بقدر أهمية قضية باعة الولاءات من النواب والناشطين السياسيين، فخلال العامين الماضيين خلقت «بكسر اللام» أو خلقت «بتشديد اللام» سوق سوداء تعرض فيها شتى أنواع الولاءات وقام عدد من النواب بعرض بضاعاتهم للبيع لمن يدفع أكثر ومن ينكر هذا الأمر إما أنه يمتهن «بيع الجراغيات» أو «نايم على ودانه».
لنتحدث بصراحة أكثر، ما معنى أن تحصل على 500ألف متر مربع و80% من ناخبيك يعجز أحدهم عن الحصول على 400 متر مربع «سد لد» تؤويه وتؤوي أسرته الصغيرة؟ ما معنى أن تحصل على 6 ملايين دينار «ترضية» وغيرك من ناخبيك وناخبي تيارك ملاحقون على ذمة 50 أو 70 دينارا لصالح شركة أحد التجار، ما معنى أن تحصل على مناقصة بمليوني دينار بأمر مباشر وتدعي محاربة الفساد في البلد، ما معنى أن تتحدث «بكاء» عن الوطن والوطنية وشركتك الطبية تزخر بالمخالفات التي لا تقوى على حملها «الديناصورات».
أليست القصة «كوسة» و«كوكسة»؟ ألم تبيعوا ضمائركم في سوق الولاءات السوداء؟ ألم تصبحوا فاسدين وبجدارة؟ فلم تدعون الشرف والوطنية؟
وكما أن أحدا لا يقبل أن تأتي فتاة ليل «معتقة» وتقدم برنامجا تلفزيونيا تتحدث فيه عن الفضيلة فنحن لا نقبل بأن يأتي فاسد حتى النخاع ليعلمنا أصول الشرف، فصمتا صمتا فقد لوثتم أسماعنا وشوهتم صورة الديموقراطية في الكويت و«خربتم بيت» البلد بصراعات الوكالة.
[email protected]