ذعار الرشيدي
فيلم كويتي اسمه «شرق» ولا أعرف لماذا لم اسمع عن هذا الفيلم من قبل، رغم أنه أنتج في عام 2007، والأغرب أنه حصل على عدة جوائز عالمية ومن بينها جائزة أفضل فيلم مستقل في مهرجان الأفلام المستقلة الذي أقيم في مدينة تامبا بولاية فلوريدا العام الماضي، بل الأهم من هذا كله أن الشركة التي أنتجته هي شركة كويتية 100% واسمها سينيما جيكس ومقرها السالمية أي لا تبعد أكثر من 15 دقيقة بالسيارة عن مكتبي.
لا أعرف سر القصور الإعلامي عن فيلم كهذا، وربما كان القصور مصدره متابعتي، لولا أنني حصلت الأسبوع الماضي على نسخة من هذا الفيلم، وبالصدفة لما علمت عنه شيئا، وميزة الفيلم بل وسره يكمن في بساطته، سهل جدا إلى درجة أنه يذوب في عقلك وقلبك على حد سواء، لا تكلف فالحوار بسيط وقصة تنسج حبكتها على يد 6 ممثلين أطفال أثبتوا أنهم قادرون على منافسة الكبار بل والتفوق عليهم، مخرج الفيلم يدعى ايريك ساندوفال أدى دوره بإتقان في إدارة طاقم العمل وأعتقد أنه هو من قام بعملية المونتاج بنفسه لأنه عرف كيف يتنقل بين لقطة وأخرى بشكل احترافي، ولم يكن الفيلم ليظهر بنكهته الكويتية الخالصة التي خرج فيها لولا أن هناك شخصين تدخلا في كتابة النص وهما عبدالعزيز الشرهان وفهد بشارة اللذان استطاعا أن يتمكنا من كتابة النص بنكهة لم تخرج عن كويتيتها، كما أنها لم تخرج عن سياق قصة غاية في البساطة وفكرة أبسط منها فجاء الفيلم بخط عريض اسمه السهل الممتنع.
فيلم كهذا على قمة عالية من الاحترام، لا أعرف الشرهان ولا بشارة بشكل شخصي بل لا أعرف حتى شكليهما، ولكنني رأيت عملهما الأكثر من رائع، فيلم كهذا يجعلنا نتأكد أن الكويت لاتزال بخير ثقافيا وفنيا وأنه لايزال هناك أمل.
فالفن ليس صراخا وتهريجا ورقصا وضحكا على الذوق من أجل الحصول على تذاكر الـ 10 والـ 7 والـ 5 دنانير، لا أعرف إن كانت الأسعار قد زادت أم لا لأنني لم أعد أذهب إلى المسرحيات الكويتية، لأنها لم تعد سوى حديث ديوانيات (حط وطنازة وضغاط) في هيكل ما كان يعرف بالمسرح.
فيلم شرق البسيط جدا وغير المتكلف، يثبت أن الكويت ليست مجرد دراما مبنية على 3 أركان «ذبحونا فيها أصحاب مسلسلات رمضان» وهي أسرة مفككة بسبب ميراث و«فلوس» وابن مدمن وفتاة رايحة فيها.
فيلم كهذا يجب على مؤسسات الدولة رعايته ورعاية صانعي الفيلم والاهتمام بهم، ويجب على وزارة الإعلام أن تفتح الباب لمبدعين كهؤلاء، وتدعوهم للدخول لا أن تنتظرهم، فسياسة «اللي عايزني يجيني أنا ما بروحش لحد» لم تعد سياسة مجدية في زمن أصبح لا يقبل بصورة الاعلام الرسمية، بل لا يصدقها لأن الإعلام الرسمي أصبح رديفا للكذب في تعريف كل المواطنين العرب.
مدة الفيلم 23 دقيقة ويصنف ضمن الأفلام الروائية القصيرة ولكنه بذرة صغيرة لشيء كبير قادم، أو ربما هو أنموذج لأشياء جميلة موجودة في بلدنا وطاقات شبابية بحاجة إلى شيء من الانتباه.