ذعار الرشيدي
«إشهار الأحزاب» قانون يتأرجح بين مؤيد مستفيد منه ورافض مستفيد أيضا، وبحسب المثل الكويتي الشهير «كلن يقرب النار صوب قرصه»، كل له في تأييده ورفضه فائدة مرجوة سواء على المدى الطويل أو المدى القصير، وإن كان الرافضون عامة هم أصحاب نظرات المدى القصير الذين يقيسون التجربة بمدى بقائهم أو بقاء مصالحهم في الانتخابات القادمة أو ما بعدها، وحججهم أكثر من مضحكة، فهم يطرحون ما حدث في البلدان العربية من تفكك جراء وجود الأحزاب كقاعدة رسمية للحكم على قانون حيوي كهذا، ملغين من خارطة حججهم السويد والنرويج وأميركا وبريطانيا، وهنا المعارضون ليسوا فقط قصيري نظر بل يعانون من ضيق نظر بحيث حصروا تجارب الأحزاب في تجارب العالم العربي.
والأحزاب شئنا أم أبينا موجودة اليوم بيننا ولكنها «سائحة» غير مرتبة رغم وضوح معالمها إلا أن خطواتها غير منظمة، وهذا القانون المفترض لن يقوم بتشكيل أحزاب كما فهم البعض «يسلم لي فهمهم» بل سيقوم بتنظيم ما هو موجود أصلا بالإضافة إلى السماح لكل جماعة ترغب في إنشاء تجمع لها بالتقدم، تماما كما يحدث مع طلب إشهار جمعية نفع عام، وإن كانت بعض جمعيات النفع العام هي واجهة لتيارات سياسية فاعلة وهو أمر لا يخفى على الكل.
ولكن لنفرض جدلا أن القانون أقر اليوم، سنجد 15 طلبا جاهزا لتقديم طلبات إشهار أحزاب لتيارات سياسية وتجمعات صغرت نشاطاتها أم كبرت فاعلة بدرجة أو بأخرى، بمعنى أدق نحن اليوم لدينا 15 حزبا ينتظرون الضوء الأخضر للدخول رسميا.
وسنضيف لهم 15 شخصية «ملقوفة» سيبدأون في صياغة بيانات تأسيس أحزاب حتى وإن كانت أحزابهم لا تصلح لعام واحد فقط منذ بدء تاريخ التفكير فيها.
طبعا هذا لن يمنع مجاميع قبلية ولا أقول القبائل لتعلن تحولها إلى شكل حزبي، رغم استحالة هذا التحول وفق التعريف العلمي السياسي للأحزاب، إنما هذا سيحدث وسنشاهده مع أول يوم لسريان قانون إشهار الأحزاب.
إضافة إلى هذا كله ستخرج مجموعات متوسطة في الشأن الرياضي «أو أن الرياضة تورطت بها ولا فرق» وأعني بعض القوائم التي تخوض انتخابات الأندية الرياضية وستكون فكرتهم كالتالي «إذا كنا نستطيع تسجيل 5000 اسم في النادي لدعم قائمتنا فسنستطيع بشكل أوسع ان نستقطب ضعف هذا الرقم ونقوم بتأسيس حزب»، وبالاضافة إلى الـ 15 الرئيسية والـ 15 الملاقيف والـ 15 الأخرى بالإضافة إلى 15 حزب رياضي طبقا للقاعدة التي شرحتها سيكون لدينا 60 حزبا مشهرا في الأسبوع الأول من بدء سريان القانون.
ولن يمضي عام حتى تنافس أعداد الأحزاب أعداد شركات المقاولات العامة في البلد.
وستتحول الأحزاب كما حصل مع جمعيات النفع العام، 5 إلى 6 جمعيات نفع عام فاعلة و50 أخرى ليس لها من نصيبها سوى الاسم، الوجوه نفسها ستبقى والأفكار والتعاطي فـ «لاطبنا ولا غدا الشر».
بمعنى أدق الأحزاب ستكون مجرد إعادة تجربة لجمعيات النفع العام مع شيء من التصرف وتغيير المسميات فقط ونعود كما بدأنا إلى المربع الأول لأن التغيير لن يزيد على الـ 1%.
وما الذي سيتغير؟ لا شيء سيتغير، فما سيجري في انتخابات 2012 «ذلك إن كانت هنالك فعلا انتخابات في ذلك العام وليس قبلها» كان يجري منذ العام 1985.