ذعار الرشيدي
لا أعرف ما الفكرة التي ينطلق منها الشعب العربي، هذا الشعب الذي انتظر كل هذه الأعوام ليحتفل بحذاء طائر، لقد قامت قيامة العرب وفتحوا برامجهم على مصراعيها ومدوا بل ومطوا ساعات بث برامجهم ليسجلوا وصلات «شماتة» في بوش وفي أميركا وكل من ناصر أميركا ووقف معها وصفق لها أو حتى رآها في المنام امرأة جميلة تقوم بإغوائه.
ردود أفعال لا تصدق، فقد أحسست أن في الوطن العربي مليون «ظاظا» شامتة وكل «أبلة» منهن أو منهم ولا فرق «رقعت بالصوت» و«زغرطت» شماتة فيما حصل لبوش في بغداد.
«زغرطي يا أم زكريا بوش اتضرب بالجزمة»، ومن بيت قصي في الكويت صوت يقول «حيل خلوه يتأدب لولولوولش» ومن موريتانيا وباللهجة الحسانية صوت يقول «ما إيجاه شيء بعد ولا يبرد قلوبنا ألف حذاء».
ياه وكأننا كنا بانتظار معجزة طيران ذلك الحذاء حتى نفرح شماتة، حتى فرحنا أصله شماتة وسببه حذاء، أي فرح هذا وأي انتصار وأي شعوب تلك التي استنهض هممها حذاء طائر.
نعيب على أسلافنا عندما قامت حرب بسبب ناقة اسمها البسوس، ونحن اليوم نضرب بأصواتنا أصقاع الأرض فرحين بحذاء اعتقدنا أنه أعاد شيئا من كرامتنا، أو هكذا صور شيطان السياسة للعرب.
طوابير الخبز بالعشرات، ولكننا كعرب بدلا من أن نغضب على أنظمتنا نغضب ونثور على بوش ونقذفه بالحذاء، بدلا من أن نسأل حكوماتنا ونقذفها بكل شيء تطاله أيدينا لنطالبها بالقضاء على الفساد المستشري استشراء السرطان في جميع إدارات ومؤسسات العرب حتى وصلت الدول العربية إلى مراتب متقدمة في قوائم الدول الأكثر فسادا، نذهب إلى بوش لنفرح أن أحد أبناء جلدتنا قذفه بحذائه.
المخدرات وصلت إلى عتبات منازلنا في كل بلدان العالم العربي، وبدلا من أن نخرج بمظاهرة تطالب بإقالة وزراء الداخلية وكشف رموز تجار المخدرات، «نتشطر» فرحا بحذاء طار فوق رأس بوش، وبدلا من أن نفتح برامجنا لمحاسبة علنية لوزراء جميع الحكومات العربية نفتحها فرحا بحذاء صحافي في وجه بوش القادم من أعدل أمة على وجه الأرض لشعبها وإن ظلمت شعوبا أخرى.
احسبوا أعداد المغتربين العرب في أميركا وفي دول الغرب الإمبريالية، اقرأوا تقارير حقوق الإنسان عن بلداننا، تأملوا في كشوفات السرقات التي تنهب مقدراتنا كشعوب و«على عينك يا تاجر»، اسألوا عن وقائع التعذيب في السجون العربية من محيطها إلى خليجها، اسألوا عن السرقات اليومية التي تطال كل شيء في وطننا العربي ولا أحد يجرؤ على الكلام.
إذا فعلتم هذا كله أو بعضا منه، فعندها يمكنكم أن تضربوا بوش وغير بوش بنعالكم.
النكتة تقول ان الرئيس الأميركي التقى الرئيس السوفييتي وقال له مفاخرا بالديموقراطية الأميركية «يمكن لأي مواطن أميركي أن يشتمني وأمام البيت الأبيض ولن تعتقله السلطات الأمنية الأميركية «فرد الرئيس السوفييتي بسرعة: «ونحن أيضا يمكن لأي مواطن سوفييتي أن يشتمك ولن نعتقله».
أعد قياس النكتة على واقعك العربي وستعرف لماذا أصبحت أميركا أعظم أمة في تاريخ الكرة الأرضية، وأنت تفرح لأن حذاء طار في غفلة من الزمن العربي؟!