ذعار الرشيدي
دخول شيخ دين يمكن أن يتسبب في استجواب، بل إنه تسبب في استجواب وكاد بسببه يقع الحل، وانتهت الأزمة باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة لاتزال ملامح وجهها في علم الغيب، وأمسية شعرية يمكن أن تكون مشروع استجواب قادم لوزيرة التربية أو وزير التربية القادم، واكتشاف حالات سحايا يمكن أن يتسبب في استجواب وزير الصحة، وحفلة غنائية يمكن أن تتسبب في استجواب وزير الإعلام، مصحف طبع بالخطأ يمكن أن يفتح بابا لاستجواب وزير الأوقاف، وتصريح اقتصادي يمكن أن يعلق مشنقة وزير المالية، وتصرف خاطئ لضابط شرطة يمكن أن يذهب بوزير الداخلية إلى قفص الاستجواب.
الفقرة أعلاه هي اختصار لما فعله ويفعله أعضاء مجلس الأمة الكرام اليوم، كلهم يريدون الناطور ولكن أيا منهم لا يريد العنب، وللأسف ان الحكومة كانت تتعامل مع كل تلك القضايا كما لو كانت «بقصم»، والبقصم لغير الناطقين بالكويتية هو «الشابورة» بالسعودية و«البقسماط» بالمصري و«كعك» باللبناني، ما أن تضعها في كوب شاي «التهديد بالاستجواب» حتى تذوب.
نعم الحكومة السابقة كانت على درجة عالية من الهشاشة بحيث يمكن لـ «تغميسة» في شاي سياسي ساخن أن تذيبها تماما فتفقد شكلها وملامحها بل حتى طعمها، أما مجلس الأمة فقد تحول بعض أعضائه منذ بداية الفصل التشريعي إلى شرطة دولة، فحتى اليوم لم نشهد محاولة تشريعية واحدة فكل ما يقوم به أعضاء المجلس هو تطبيق صارم للرقابة، نعم لمجلس الأمة دور رقابي ولا شك ولا أحد ينكره، ولكن أن يختفي صوت التشريع لأكثر من 3 أشهر، لندخل مع رقابة مجلس الأمة في متاهات التهديدات بالاستجوابات والتعليقات الصحافية الرنانة، وهجوم هنا وهجوم هناك، وقصف إعلامي على تلك المؤسسة الحكومية، وإلقاء قنبلة نووية للاستجواب، حيث يتبع بعض أعضاء مجلس الأمة سياسة الأرض المحروقة في التعاطي مع أبسط الأمور التي لا يمكن أن تحتمل أكثر من سؤال برلماني صغير، فما حدث مع دخول الفالي لم يكن يستحق أكثر من سؤال برلماني، والأمسية الشعرية التي أقيمت في ثانوية للبنات لا تستحق أكثر من استفسار جانبي من الوزيرة تنتهي بـ «صح لسانك»؟
كثير من الأمور التي تسببت في أزمات سياسية كان يمكن أن تحل ببساطة، ولكن في ظل حكومة «بقصم» وأعضاء يمارسون دور شرطة دولة، متناسين دورهم التشريعي بعد ان اصبحت جملتهم المفضلة في اغلب الجلسات «هااااااااا مين هناك» سيذوب البقصم، ولكن أحدا لم يسأل عن الشخص الذي يتلذذ كل مرة بتذوق طعم البقصم الذائب في كوب الشاي السياسي.