ذعار الرشيدي
لا أتذكر شخصا أعرفه إلا مارس هواية كتابة مذكراته اليومية ولو لفترة قصيرة، وهي هواية مارستها شخصيا لثلاثة أيام فقط وبعدها «زهقت» ولا أعرف ما حل بدفتر مذكراتي التي كتبت صفحاته بين يومي 12 يوليو 1980 و15 يوليو من ذات العام ولا أعتقد أنه كان يحوي أي شيء مهم يمكن أن يؤثر في تاريخ البشرية فيما لو كشفت أي صفحة من صفحات مذكراتي أو عثر عليها تحت أساس منزلنا بعد ألف عام، عندما تبدأ بعثة آثار من العلماء «الكويتيليتيين» وهو الشعب الذي سيسكن المنطقة بعد ألف عام من الآن بالتنقيب في آثار ما كان يعرف بمنطقة الجهراء، أما لماذا اسمهم «الكويتيليتيون» فلا أعلم ولكني سأترك الإجابة للقرون العشرة القادمة لتجيب عن سبب تسمية ذلك الشعب الآتي بهذا الاسم المركب.
ولكن ماذا سيقول الكويتيليتيون عمن سبقهم في سكن هذه الأرض بعد ألف عام من الآن؟ هذا ما يمكنني الإجابة عنه وبسهولة شديدة.
سيقولون ووفق ما سيعثرون عليه من أوراق وأقراص مدمجة ان تعداد الشعب الكويتي الذي نبحث عن آثره بلغ نحو المليون نسمة في زمن النظام العالمي الجديد بين عامي 2005 و2010.
وكان من بينهم نحو 250 ألف موظف، ووجدنا أن ما نسبته 90% مدانون للبنوك المحلية «وهو نظام مصرفي قديم بفوائد ضخمة» وأكثر من 30% كانوا عرضة للسجن بسبب تلك الديون التي كان سببها الأول والأخير 6 حكومات تعاقبت بين عامي 1996 و2007 التي تساهلت وتساهلت وغضت الطرف حتى تحولت عملية إقراض عادية إلى كارثة سياسية اقتصادية اجتماعية كادت تؤدي بالبلد إلى هاوية لا قرار لها، ويمضي الكويتيليتيون في تقريرهم بأن الكويت شهدت أزمة سياسية اقتصادية أخرى من نوع آخر بين سياسيين «عبثيين» وحكومة كانت تتعامل مع حادثة إنقاذ قطة علقت بشجرة على الطريق العام وكارثة انهيار النظام الاقتصادي بذات الطريقة والأسلوب والتصريحات، ويضيف تقرير الكويتيليتيين أن نار الصراع السياسي أذكتها مجموعة من التجار وبعض من الكتل السياسية التي بدأت تعدل قوانين البلد الاقتصادية على مقاسات أزمة شركات ومقاسات أشخاص لا يتجاوز عددهم الـ 50 شخصا وهي الأزمة التي عرفت في تاريخ الاقتصاد الكويتي بالسد الاقتصادي الكبير «حيث أدى الصراع الاقتصادي المغلف بالسياسة إلى انهيار تام للحياة السياسية في وقت لاحق من العام 2009».
وسيعثر بالطبع علماء البعثة من الكويتيليتيين على أوراق حكومية تكشف أسرار ما حصل في تلك الحقبة الزمنية من تاريخ المنطقة التي كان يسكنها ما يعرف بـ «الكويتيين» ومن بينها أوراق سرية للغاية تكشف كيف أن متنفذين سياسيين عقدوا صفقات مع سياسيين وناشطين سياسيين على جميع المستويات وكيف أن ما كان ينشر عبر وسائل الإعلام في تلك الحقبة لا يوازي 1% من الحقيقة التي لا يعرفها كثير من الكويتيين الذين عاشوا تلك الفترة.