البعض- للأسف الشديد- بدأ يناقش الأحداث الأخيرة من واقع النقاشات «الدواوينية»، يفتي بغير علم، ويتحدث بلا معلومات، وفوق هذا كله يقوم بتأويل الأشياء حسب اشتهاءات نفسه أو اشتهاءات جماعته السياسية، لا وجود لمفهوم المبدأ لديه، هؤلاء هم من تجدهم ينتشرون في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الدواوين، ولأنهم بلا حجة وبلا معلومة، فعند أول اصطدام أحدهم بالحقيقة تجده يختم جملته «يا معود روح.. انت شفهمك»، وهو الذي لو سألته عن التقسيمات والتيارات السياسية في البلد لما استطاع أن يجيبك.
هناك ساسة، بل وكتاب من المعارضة ينتهجون ذات النهج في النقاشات العقيمة التي لا تؤدي غالبا إلى شيء، حيث يناقشون ويحللون، بل إنهم يتجاوزون هذا كله ويحرّمون ويحللون حسب أهوائهم، ولا علاقة لأي من فتاواهم السياسية بالمنطق ولا بالقانون ولا بالواقع.
هؤلاء هم سبب بلاء المعارضة اليوم، هم السبب الرئيسي في اصطدام المعارضة بواقع القانون اليوم، هؤلاء ممن زينوا الخروج عن القانون وبرروا الخروج عن القانون ودفعوا بالمعارضة إلى فخ الاصطدام بالقانون.
اليوم نحن نتحدث عن قانون يتم تطبيقه، أعجبك أم لم يعجبك ذلك القانون. ليست تلك المشكلة، فإذا كان القانون لا يعجبك كان عليك عندما كنت في مجلس الأمة أن تقوم بتغييره أو الدفع بتغييره أو على الأقل تبني مقترح لتغيير بعض مواد ذلك القانون الذي لا يعجبك.
مشكلة المعارضة أنها تعاني من ازدواجية خطيرة في بعض نواحي تعاطيها مع الأمور، فمثلا عندما تكسب قضية ما تجد أنها تطلق ديباجة «نشكر قضاءنا النزيه»، وعندما يصدر الحكم في غير صالح هواهم تجدهم وإن لم يقولوها صراحة يطرحون أن الحكم سياسي، وهذه مشكلة يجب على المعارضة أن تتخلص منها تماما، وأن تتخلص بالأهم من كل من ينتمي إليها وهم أسوأ من الحكومة نفسها.
نأمل بمعارضة حقيقية جديدة حية فاعلة تعمل وفق مبدأ ثابت نحو الإصلاح، لا معارضة متعددة المبادئ، وهو الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى الإضرار بالعمل السياسي المعارض في الكويت، ويجعل الناس تفقد إيمانها بجدوى المعارضة كوسيلة للإصلاح.
المعارضة اليوم تعاني من ثقوب في ثوبها، وتسير على طريق كله ثغرات، ولا بد لها من أن تراجع كامل حساباتها، أما إن أرادت السير على ما هي سائرة باتجاهه اليوم، فستسقط سقوطا مريعا لن تقوم لها قائمة بعده، وإن كنت أرى أنها بدأت أولى درجات السقوط.
[email protected]