من الخدع التي تنصح فيها الكويتية شقيقتها الكويتية الأخرى كلما استقدمت خادمة جديدة ان تضع أمامها كمية محدودة من النقود كأن تضع دينارا او أحيانا خمسة دنانير في مكان ما من إحدى الغرف التي تطلب من الخادمة ان تقوم بتنظيفها، والقاعدة النسائية الكويتية تقول حسب تلك النصيحة إنه:« اذا أعادت لك الخادمة النقود فهي أمينة.. أما ان لم تعدها واختفت النقود من مكانها فالخادمة حرامية ولا تأمني لها أبدا»، لا اعرف من ابتدع هذه القاعدة لكشف السارقة «المفترضة»، ولكنها على أي حال يمكن ان تنجح في بعض الأحيان، ولا أقول إنها ناجحة 100%.
****
وفق تلك القاعدة التي تنتهجها ربات المنازل الكويتيات فإن المبلغ الذي يرمى او يترك امام الخادمة يتراوح بين ربع الدينار والخمسة دنانير، وانا شخصيا اعتقد انه كلما زاد المبلغ زادت احتمالية ان تسرقه الخادمة، ليس لأنها سارقة بالأساس، بل لأن «المال السايب يعلم السرقة».
****
وبمناسبة الحديث عن «المال السايب» فلا اعتقد انه مر بتاريخ البلاد كلها «مال سايب» اكثر من أموال خطة التنمية البالغة 37 مليار دينار، ذلك انني لم أر في حياتي كلها دولة تلقي كل هذه الأموال وفق خطة مكونة من 500 صفحة كلها حديث نظري عن مشروعات لا يمكن تطبيقها، وهذا هو السبب الرئيسي لفشل خطة التنمية، لا أقول ان أموالها سرقت، ولكن استطيع القول وانا مرتاح البال ان دمها ضاع بين القبائل، ولا أحد يعرف ولن يعرف احد اين ذهبت تلك المليارات، ولا يمكننا ان نحاسب شخصا واحدا على ضياع تلك المليارات.
****
لنعد إلى القصة منذ بدايتها، أقرت خطة التنمية المليارية بموافقة أغلبية ساحقة في مجلس الامة فبراير 2010 ولم يعترض عليها يومها سوى ثلاثة نواب هم مرزوق الغانم وصالح الملا ود.فيصل المسلم، وعليه فإن من تجب محاسبته هم أعضاء المجلس الذين أقروها بقانونها الذي جاء في 500 صفحة، هؤلاء هم من تجب محاسبتهم، او بالأصح مساءلتهم شعبيا، فكيف أقروا خطة تنمية «نظرية» غير قابلة للتطبيق، واذكر يومها انني كتبت اكثر من 10 مقالات موضحا ان تلك الخطة نظرية لا تقبل التطبيق على ارض الواقع، وكتب غيري وحذرنا من أنها لن تطبق بل ان تطبيقها في حكم المستحيل، ولكن أحدا لم يستمع لنا.
****
نعم، «المال السايب يعلم السرقة»، فما بالكم لو كان هذا المال السايب يبلغ 37 مليار دينار؟! انه لن يعلم السرقة فقط، بل سيجعل لصوص المال العام يتفننون في ابتكار طرق جديدة للسرقة في كل مرة وهذا ما حصل، ولا ألومهم، ولن ألومهم، بل ألوم المجلسين، الحكومة والأمة اللذين مررا قانون خطة التنمية دون آلية تنفيذ حقيقية.
****
وبالنسبة للشعب الكويتي، أقول لهم «فلوسكم وملياراتكم تبخرت في الهواء، ولم تروا لا مستشفى جديدا ولا جامعة جديدة ولا معهدا ولا مستوصفا بل ولا حتى روضة، بل ولا بقالة ايضا، قلنا لكم، ابلغناكم، صرخنا بأعلى صوتنا، ان قانون خطة التنمية ناقص ولا يمكن تطبيقه لا بعد أربعة أعوام ولا حتى بعد عشرين عاما، ولكن أحدا منكم لم يستمع».
****
خسرنا 37 مليارا (سواء تلك التي كانت ستدفعها الحكومة او تلك التي كان سيشارك فيها القطاع الخاص) وفي 4 سنوات فقط، وعيب القانون كما أقر أنه لا يمكنك ان تحمّل أحدا المسؤولية لا سياسيا ولا قانونيا، لذا لا تلومون أحدا سوى نوابكم، او بالأصح لا تلومون أحدا سوى أنفسكم.
****
توضيح الواضح: خطة التنمية انتهت إلى لا شيء، ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.
[email protected]