ذعار الرشيدي
حللنا كل مشكلاتنا ولم يتبق سوى مناهج التربية الإسلامية لنعدلها، تركنا كل شيء وأمسكنا بورقتين أو ثلاث ورقات من أحد كتب التربية الإسلامية لنشعل بها خلافا سياسيا، وكأن لهيب شهر يوليو الكويتي لا يكفينا.
فلم تكد الوزيرة د. موضي الحمود تطلق تصريحها حتى رحب طرف بقرارها وفريق توعد بأن تصعد الوزيرة إلى المنصة، بل وصل الأمر إلى حد التهديد بالسعي لإقالتها، الأول رأى أنها انتصار سياسي والثاني وجد في هذا القرار مشروع اعتداء سياسي.
للأمانة لم أقرأ أيا من مناهج التربية الإسلامية مثار الخلاف، لذا لا يمكنني الحكم علميا على ما ورد فيها، ولكنني استطيع أن أعرف أن الأطراف التي رحبت بالقرار وصورته كانتصار وتلك التي رفضت بنبرات التهديد ستؤدي بالبلد إلى «ستين داهية».
إن محاولة إسباغ أي شكل ديني من أي نوع كان على أي صراع سياسي محتمل هو كارثة بكل المقاييس في أي بلد في العالم أجمع وليس في بلد صغير بالكاد تجاوز مواطنوه حاجز المليون «نفر»، ومجرد محاولة تصوير الأمر سواء من الطرف الأول أو الثاني على أن ما حصل هو اعتداء على مذهب وانتصار لمذهب آخر هو كارثة الكوارث.
وتنصيب البعض نفسه ناطقا باسم أي من الطائفتين لمجرد أنه عضو مجلس أمة لهو مصيبة ما بعدها مصيبة، فالنائب وكما «قصوا علينا» دستوريا ممثل للأمة جمعاء سنة وشيعة، غير أن التصريحات المتبادلة بين بعض النواب من الطرفين قامت بتحويل الشركاء في الوطن إلى خانة الآخر المضاد وكأنهما قادمان من بلدين آخرين مختلفين اختلاف الليل والنهار، بل إن بعضهم صور الأمر كأنه حرب ضروس لن تضع أوزارها إلا بتقديم قرابين من الضحايا.
بالأمس لم نكد ننفض غبار الحديث البائس عن بقايا جلسة استجواب وزير الداخلية والذي حمل نفس الفئوية بين البدو والحضر، واليوم سنة وشيعة، وقبلهما خارجية وداخلية.
الأمر في مشهدنا السياسي تعدى مرحلة انحدار الخطاب السياسي العام إلى انحدار مستوى التعاطي السياسي في كل شأن من شؤون الحياة، فنقل موظف يصلح لأن يكون مواجهة وندب آخر يصلح لأن يكون مشروع صراع بل إن حتى ندب موظف من إدارة إلى أخرى أو إقالة موظف كسول يمكن أن تكون سببا في حل مجلس الأمة.
كان على الوزيرة الفاضلة أن تعي تماما وقبل أن تصدر تصريحها المثير عن التعديل المحتمل في مناهج التربية الإسلامية أن هناك مجموعة من النواب يبحثون عن رائحة مشكلة، وإذ هم أمام حفلة شواء حكومية في الهواء الطلق، فكان الأجدر بالوزيرة أن تقوم بعرض الأمر عبر القنوات الرسمية المعتادة في مثل تلك التعديلات المقترحة دون أن تطلقه في سماء مفتوحة يبحث كثير من سكانها عن أي شيء يتلقفونه خلال العطلة الصيفية لأن «ماعندهم شغل».
حكاية عقاب: قام الوكيل المساعد لشؤون الأمن العام بجولة تفتيشية على أحد مخافر العاصمة ووجد أن قائد المنطقة غير موجود في مقر عمله وعليه سجل بحقه انضباطية وهو أمر طبيعي 100%، أما غير الطبيعي فهو أن يتوجه قائد المنطقة إلى وزير الداخلية وبيده عضو مجلس أمة ويقوم بتقديم شكوى ضد الوكيل المساعد، ليقبل الوزير باستقبال قائد المنطقة وعضو مجلس الأمة في مكتبه ويطيب خاطر قائد المنطقة «غير المنضبط» وسمح له بتقديم شكوى ضد الوكيل.
والآن تتساءلون كيف هو حال وزارة الداخلية؟ وأجيبكم: تسلم عليكم وتقول لكم أي عسكري يتم عقابه وفق القانون عليه أن يكسر رأس القانون ويذهب ومعه عضو مجلس أمة لمقابلة وزير الداخلية وتنتهي العقوبة أي عقوبة بـ«تطييب» خاطر.