لا أعرف ولا أرى تعريفا حيا حقيقيا للجهاد بمفهومه العام اليوم وبتعريفه الكامل المطلق سوى ما فعله منتسبو الجمعية السعودية للكشافة في خدمة ضيوف الرحمن خلال موسم الحج الأخير، فقد شارك نحو 4500 من الكشافة السعوديين في موسم الحج كداعمين متطوعين إلى جانب اخوتهم في القوات الأمنية السعودية لتأمين حجاج بيت الله الحرام.
4500 كشاف سعودي قدموا من مختلف مناطق المملكة ليقضوا أسبوعين كاملين في المشاعر المقدسة ليؤدوا دور الإرشاد للحجاج وكذلك ليقوموا بدور المساندة للشرطة والأمن العام والطوارئ في خدمة وتأمين سير الحج وهو ما نجحوا فيه وأجادوه بشكل لافت.
ولا أعتقد ان حركة كشفية عربية أو حتى عالمية أخرى توازي بعملها حجم وجهد وأداء شباب الكشافة السعوديين في مواسم الحج لا من حيث طبيعة العمل المتعبة التي كانوا يواجهونها ولا من حيث حجم الحدث الذي يتعاملون معه ولا من حيث طبيعة الظروف التي يعملون فيها خلال فترة قصيرة مرهقة وهي التعامل في أيام قلائل مع سيل بشري هائل.
شباب قدموا من مختلف أصقاع مملكة الخير ليعملوا في خدمة ضيوف الرحمن من الحجاج دون كلل أو ملل ولفترات تتراوح بين 12 و16 ساعة يومية لمدة تتجاوز الـ 10 أيام متواصلة، ومع هذا ترى ابتساماتهم لا تفارق محياهم وهم يتعاملون مع ظروف استثنائية حقيقية، ويتعاملون مع أفراد من أكثر من 150 دولة قدم أفرادها ليؤدوا فريضة الركن الأعظم من أركان الإسلام.
عملهم هو الجهاد الحقيقي بعينه، تركوا منازلهم وأهليهم ومدنهم من أجل ان يشاركوا في خدمة ضيوف الرحمن وأغلبهم تتراوح أعمارهم بين 16 و20، لم يجبرهم أحد، ولم يغرهم أحد، شباب في عمر الزهور لم يجدوا إغراء أكبر ولا ألذ ولا أفضل من أن يكونوا جزءا من خدام ضيوف الرحمن، في عمل تطوعي حقيقي خالص لوجه الله تعالى.
لا يوجد من يشبههم في الدول العربية، ولا الأجنبية، فهم نتاج ثقافة كشفية تطوعية حقيقية خالصة بعيدة كل البعد عن أضواء الإعلام وهالات المشاهير أو طلاب الشهرة من مدعي التطوع.
أمثال منتسبي الجمعية السعودية للكشافة هم مثال راق جدا للعمل التطوعي، ويكفي أن قيادة المملكة العربية السعودية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين قد قدرتهم ومنحتهم تقديرا باستقبال الملك سلمان بن عبدالعزيز لمجموعة منتخبة منهم بعد انتهاء مراسم الحج، وذلك تقديرا لدورهم ودور زملائهم في المشاركة بموسم الحج، كما استقبلهم كل من ولي العهد سمو الأمير الملكي محمد بن نايف واستقبلهم كذلك تقديرا لهم ولي ولي العهد السعودي سمو الأمير الملكي الأمير محمد بن سلمان.
ولنطرح ابسط جهود الكشافة السعوديين وهي انهم ساهموا وخلال موسم الحج الأخير في إرشاد أكثر من 199 ألف حاج، وهذا رقم خيالي في وقت بسيط لمجموعة متطوعة خالصة قدم أفرادها من مختلف أنحاء المملكة من جنوبها وشمالها وشرقها وغربها.
الكشافة ومنذ سنوات يقضي العرف ان يحضروا إلى المشاعر المقدسة قبل وفود الحجاج بأسبوع أو أسبوعين ليدرسوا المنطقة جغرافيا ويتعرفوا عليها ليتمكنوا من إرشاد الحجاج عند بدء موسم الحج من يوم عرفة حتى آخر يوم للعيد وهذا ما يفعله الكشافة السعوديون كل عام منذ أكثر من 20 عاما، ولكن الإعلام للأسف بعيد كل البعد عن دورهم البطولي الخارق للعادة.
هذا هو الجهاد، فشكرا لكشافة المملكة العربية السعودية، شكرا لكل كشاف سعودي فأنتم فخر لنا قبل ان تكونوا فخرا لبلدكم،
توضيح الواضح: لم أكن لأكتب هذه المقالة لولا الكشاف السعودي الراقي جدا وابن سدير الأخ الكريم عمر الضباح الذي قدم تقريرا متسلسلا عبر تغريدات متكاملة تشرح دور وجهود أبطال الكشافة السعوديين في المشاركة في تأمين موسم الحج الى جانب إخوانهم رجال الشرطة والأمن والقوات الخاصة والطوارئ السعوديين الذين سطروا ملحمة بطولية كل عام في تأمين موسم الحج وخدمة ضيوف الرحمن وهو الهدف الأسمى لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أطال الله في عمره.
توضيح الأوضح: لا نشكر أفراد الكشافة السعوديين لعملهم فقط، بل نشكر ذويهم وأسرهم الذين أنتجوا أمثال هؤلاء الشباب من النخبة الذين أعطوا للتطوع معنى حقيقيا وحيا من حقنا ان نفخر ونفاخر به لا كخليجيين فقط بل كمسلمين نعطي للتطوع سمة إنسانية لا توجد في أي بلد آخر.
[email protected]