مدام فاتكة، هذا هو اسمها، ولا أعرف إن كان اسمها عربيا أو أعجميا، لكنها كانت مشهورة جدا في أواسط مطاعم ومقاهي الثلاث والأربع النجوم في التسعينيات، ومهنتها غريبة جدا وسبب شهرتها اغرب، فهي من تقوم بجلب «الزبونات الوهميات» للمطاعم، والهدف ان تكون أولئك الزبونات الوهميات «الجميلات» وسيلة لجذب الزبائن إلى المطعم، تتعاقد معهن وتجلبهن الى المقهى أو المطعم من اجل «جر رجل» الزبائن من الرجال وإعطاء إيحاء بأن المطعم حي ويمنحه سمعة انه المطعم المفضل للجميلات، لسنوات ومدام فاتكة هي المتعهد الأبرز لتوريد «الزبونات الجميلات الوهميات» يأتين ويتعشين و«يشيشن» ويتناولن التحلية لفترة تتراوح بين الساعتين والأربع ساعات ويتسببن في تسمير الزبائن بطاولاتهم خاصة الشباب لفترة أطول فيطلبون اكثر وترتفع قيمة فاتورتهم.
هذه الخدعة أعتقد أنها توقفت أو اختفت مع دخول العام ٢٠٠٠، ولم يعد سوق مدام فاتكة ولا بناتها رائجا أو مطلوبا.
خدعة مدام فاتكة وبناتها تشبه تماما خدعة الأقطاب السياسية المتصارعة ومواليهم ممن يطبلون لهم عبر وسائل الإعلام المختلفة سواء كانت ورقية أو إلكترونية أو حتى «دواوينية»، فنظامهم تماما كنظام «المدام فاتكة» في الترويج وجذب الزبائن بواسطة بناتها.
مشكلة بنات مدام فاتكة أنهن مع مرور الوقت أصبحن مكشوفات جدا ومعروفات لدى غالبية الزبائن خاصة الزبائن الدائمين لتلك المقاهي والمطاعم التي كانت تورد لها بضاعتها ذوات الأعين الناعسة والأجساد الممشوقة.
ومن ابرز خدع بنات مدام فاتكة ان الواحدة منهن ما أن ترى زبونا جديدا دخل الى المقهى حتى ترمقه بنظرات إعجاب بسيطة، فيضطر المسكين «الذي صدق نفسه» لأن يجلس فترة أطول، وبدلا من ان يطلب رأس شيشة سيطلب رأسين وثلاثة وربما أربعة، معتقدا انه صياد ماهر مقتدر بانتظار الوقت المناسب للانقضاض على فريسته ليحدثها او «يرقمها»، في حين انه في الحقيقة ليس سوى فريسة من بين عشرات الفرائس من حوله التي اصطادتها عينا تلك الحسناء وسحرتهم ليجلسوا في المقهى متسمرين أطول فترة ممكنة فيطول مكوثهم فهذه ترمقه بنظرة حياء وذاك ترميه بنظرة إعجاب وأخرى تأسره بابتسامة «تخليه ينسى أهله».
الوسائل مختلفة والأهداف واحدة، بين بنات مدام فاتكة والمطبلين للأقطاب المتصارعة، تختلف الوسائل ولكن النتيجة هي «جر رجل الزبون» او على الأقل جعله يعيش في حالة هيام مؤقتة عبر إيهامه بأن تلك الحسناء «الشمحوطة» في الطاولة المقابلة له تريد التعرف عليه وان أمره يهمها في حين انها «ما درت عن هوى داره».
أسلوب رخيص جدا وبدائي ولكنه ينجح أحيانا، عامة، ربما كان ينجح هذا الامر في التسعينيات، أما اليوم فلا ينجح غالبا كون الشعب اصبح اكثر وعيا وإدراكا لمصلحته، ولم تعد وسائل الترويج الرخيصة تنطلي على احد لهذا المرشح أو ذاك ممن يتبع هذا التيار أو غيره.
توضيح الواضح: «بنات مدام فاتكة الجدد» ينشطون اليوم وعملهم ينحصر في الترويج لمعازيبهم وبطريقة أصبحت واضحة جدا، والحمد لله انها واضحة بل وأصبحت مكشوفة، فمن يطبل لهذا التيار واضح جدا ومن يروج لذاك التيار اكثر وضوحا.
توضيح الأوضح: والله اننا نعلم انك تتبع هذا القطب أو ذاك فارحمونا يرحمكم الله.