رغم إدماني الشديد للسينما لا أعرف فيلما قام باختصار الصورة النمطية الأميركية لنا كعرب سوى فيلم «الطائرة» في جزئه الثاني والذي أنتج عام ١٩٨٤، ففي احد المشاهد يدخل احد الممثلين ويسأل زميله: «هيا أطلعني على الوضع الآن»، فيجيبه الثاني قائلا: «كانت الديناصورات تحكم الأرض ثم ماتت وتحولت إلى نفط ثم جاء العرب واشتروا سيارات المرسيدس».
بهذه الجملة السريعة من الجزء الثاني من الفيلم الفكاهي الطائرة يختصر ممثل في مشهد عابر الصورة النمطية العامة لنا كعرب في أعين الأميركان.
وشخصيا، لا ألوم أبناء العم سام على وضعنا في قالب تلك الصورة النمطية، فنحن أيضا نتحمل جزءا من صورتنا التي تصل إلى الآخر، فلم نحسنها ولم نعمل حتى على محاولة تعديل تلك الصورة النمطية بأي شكل من الأشكال، وكل ما فعلناه أننا نتهم الأميركان بأنهم عنصريون لأنهم يروننا في تلك الصورة التقليدية، بل أحيانا وحتى لا نرميهم بالعنصرية نتهمهم بأنهم قليلو الاطلاع على ثقافتنا، وعندما نريد ان نكون طيبين جدا في اتهام الأميركان عن سبب رؤيتهم لنا كعرب بتلك الصورة نرمي اللوم كله على الصهيونية العالمية التي حكمت هوليوود وأفلام هوليوود وأخرجتنا للغرب عامة وللأميركان خاصة بتلك الصورة الظالمة لنا ولتاريخنا وحضارتنا، كل هذا ونحن لا حكومات ولا مؤسسات مجتمع مدني قمنا ولو بشيء بسيط من اجل تحسين صورتنا، اعني نحن فاشلون جدا في تصدير صورتنا الى العالم، ولا ألوم العالم في ان يرانا كيفما يشاء، فلا يوجد لدينا في أرشيفنا السينمائي فيلم واحد يمكن ينافس حتى على سعفة بلاستيكية في أي مهرجان، ولم نصدر للعالم منذ 100 عام سوى 3 أو 4 علماء وأدباء، بل حتى أدبائنا وشعرائنا الذين كانوا يمكن ان يصلحوا لأن نصدرهم للعالم قمنا بوأدهم بيننا واتهمناهم بالغلو والانحلال والسفسطة، لم نصدر موسيقيا واحدا للعالم، ولا مطربا، اعني بالمقاييس العالمية الإنسانية الحقيقية وليست بمقاييس المجاملات والتعصب وتوزيع الألقاب المجانية على مطربينا.
الامر ينسحب على الروائيين والشعراء والممثلين والموسيقيين وكتاب السيناريو والفنانين التشكيليين، فالمبدع منهم ندفنه ونحاربه بل ربما نرميه بتهمة الكفر، واما النصف موهوب وبسبب علاقته وقربه أحيانا من صناع القرار فيمكن ان يكون عملاق العمالقة وسيد الفن، وهو في مقاييس بورصة الفنون العالمية لا يساوي فلسا احمر صدئا، مشكلتنا ان من يتسيد مشاهد الفنون الإنسانية لدينا هم من أنصاف الموهوبين غالبا ممن حصلوا على الواسطة أو وصلوا بالواسطة وأصبحوا واقعا مفروضا، وكما ذكرت بأمثال هؤلاء يكون إرثنا الفني الموسيقي مجرد صورة مشوهة لنا، فلا يجب ان نلوم الآخر إذا كان يرانا بصورة نمطية صنعتها له وسائله الإعلامية.
نعم نحن لسنا مجموعة من الإرهابيين من لابسي «الخرق» كما تصورنا أفلام هوليوود، ولكن نحن نستحق هذه الصورة النمطية لأننا لم نفعل اي شيء من اجل ان نغير هذه الصورة الخاطئة،
أما تهمة أن الصهيونية هي وراء تلك الصورة السيئة عنا، فلأنهم كما اعرف يملكون شركات إنتاج عملاقة في هوليوود واستثمروا فيها ولا يزالون يفعلون، ولكن «ربعنا» ومنذ ظهور النفط لم يستثمروا في هذا المجال ولم يدخلوه، بل إن الأمير الوليد بن طلال عندما قرر أن يستثمر في هذا المجال الإعلامي بشراء مؤسسات إعلامية والدخول كشريك في مؤسسات إعلامية ضخمة وهو أمر من شأنه أن يحد من تصدير تلك الصورة عنا قوبل بهجمة شرسة من قبل من يدعون انهم محافظون.
في الحقيقة لا ألوم الغرب، بل يجب ألا نلوم الغرب على ان نظهر بين الفينة والأخرى بصورة مشوهة لأننا لم نفعل شيئا لتحسينها.
[email protected]