سبق أن قلت إن أيا من الساسة في بلدنا لا يريد «عنب» الإصلاح فالجميع في سباق محموم للحصول على رأس الناطور، أيا كان منصب وصفة هذا الناطور؟، فلا أحد يمكنه أن يفسر سبب هذا التسابق للحصول على رأس الناطور ونيل شرف جلب رأسه وكسب معركة أبعد ما تكون عن البحث عن «عنب الإصلاح» الذي رفعوه شعارا يضحكون به على ذقوننا.
نعم لا أحد من نوابنا يريد الاصلاح، عدا قلة قليلة، اختفت أصواتها أو أخفيت، هم من يبحثون عن الإصلاح، أما البقية فهدفهم رؤوس أشخاص بعينهم لصالح أشخاص آخرين.
معظم النواب اليوم إما متمترس في خندق أحد الأجنحة أو نائب يقف على الحياد بحثا عن تحالف الساعات الأخيرة ليلتقط ما يمكن أن يسقط من أي من عربات قطار الاستجوابات التي بدأت تنتظر صافرة الانطلاق إيذانا بإدخالنا الى نفق لا يعلم نهايته إلا الله فيما لو تحرك أحدها في غفلة من ركاب محطة قطارات هذا الوطن الذين ينتظرون الإصلاح على أيدي من لن يأتوا له بإصلاح ولا صلاح ولا حتى بذرة إصلاح عنب واحدة.
السياسة هي فن الممكن وفن كسر حواجز المستحيل، وإلا بالله عليكم كيف يقوم نائب باستجواب نائب «متى عمرها صارت؟ إلا لدينا هنا»، فأحد الاستجوابات المقدمة أخيرا عنوانه العريض والذي لا يقبل القسمة على اثنين هو قيام نائب باستجواب زميله النائب وإن كان الغطاء هو استهداف وزير عبر دعوته للمنصة، ولا يأتي استجواب الوزير عبر النائب الأول إلا حماية لوزير آخر هدد النائب الثاني بتقديم استجواب له ردا على الأول وكأنه يقول لزميله النائب «هذه بتلك».
وصلنا إلى مرحلة لابد على جميع الناخبين أن يستجوبوا نوابهم، وأن يطالبوهم بكشف كامل أوراقهم، والتحدث بشفافية مطلقة.
أغلب من تم تلويحهم بالاستجواب في الأيام الماضية مطالبون أمام الشعب بتقديم جميع أوراقهم على الملأ، فزمن الاستغفال وادعاء البطولات الزائفة والتكسب السياسي الرخيص قد ولى، وإن كان يعتقد أولئك النواب أن حدود قراءات الشعب الكويتي هي ما ينشر في الصحف فهم مخطئون وغارقون بالخطأ حتى آذانهم، فالمدونات اليوم مثلا تلعب دورا رئيسيا في كشف حقيقة ما يحصل خلف كواليس بعض الاستجوابات وكذلك القرب الحاصل اليوم بين دائرة صنع القرار والشعب أصبح أكثر من أي وقت مضى، فالجميع يعلم اليوم من يلعب لحساب من ومن يتمترس في خندق من ومن يريد رأس من ولصالح من.
و«اللي يعافيكم» اكشفوا أوراقكم وإلا فاصمتوا و«ضبوا» أوراق استجواباتكم ما لم تقدموا دليلا واحدا على أن هدفكم هو «عنب» الإصلاح وليس «رأس نواطير» من تعادونهم لصالح نواطير تعملون لصالحهم، عدا ذلك فلتلتزموا الصمت وقروا في بيت الأمة مشرعين مراقبين كما انتخبناكم له، لا كما يريد نواطيركم.
نعم الاستجواب حق دستوري، ولكن من أجل الإصلاح لا من أجل عيون مصالح من تتمترسون في خنادقهم.
[email protected]