تسارع الأحداث السياسية الإقليمية وكثافة توارد المعلومات عنها، وتسليط الضوء عليها تحليلا او طرحا للرأي من قبل المراقبين خصوصا والإعلام المحلي عموما، أبعدنا كثيرا عن الأحداث السياسية المحلية الاخيرة والتي عادة ما تنبئ بشيء ما قادم، وأهمها هو اعلان أكثر من نائب عن نيته تقديم استجوابات لوزراء، وهي ليست تلويحات، فالقراءة الإعلامية لتسلسل اعلان النواب وتصريحاتهم حول الموضوع تعني ان دور الانعقاد القادم الذي يفصلنا عنه نحو شهر من الآن سيشهد تقديم استجوابين جديين على الأقل، ولكن المشكلة ان كلا الاستجوابين المحتمل تقديمهما حولهما انقسام نيابي كبير، وهناك معسكران بين صفوف نواب «المعارضة»، معسكر يؤيد الاستجواب ومعسكر يرفضه تماما، اي ان «المعارضة» منقسمة تماما حول الاستجوابين، على عكس حالتها الاتفاقية في الاستجوابات الاخيرة بدور الانعقاد الماضي.
اي ان الحكومة ستدخل كل استجواب يقدم لها وفي بطنها «بطيخة صيفي»، ولن تتأثر او تهتم لأي استجواب، فإذا كانت «المعارضة» ستستمر في انقسامها المعلن والذي لا يخفى على احد، فهذا يعني ان اي استجواب منها حتى ان تم تقديمه ووصل الى جلسة استجواب، فلن يصل الى طلب طرح الثقة، فالحكومة محصنة الآن بفضل الانقسام النيابي، وتصل نسبة تحصينها الى ما فوق الـ 75%، وهي نسبة مريحة جدا، وبعقد صفقات سياسية بسيطة يمكن ان تصل نسبة التحصين الى 90%، وهذه وان كانت ميزة للحكومة الا انها كارثة على مجلس الامة، اذ يعني- بغض النظر عن اتفاقنا او رفضنا للاستجوابات- ان نسبة الموالين للحكومة بالمجلس تتراوح بين 75 و90%، وهي حقيقة واضحة وليست بحاجة الى استجواب حتى نقوم بعد الأصوات ونعرف من الحكومي ومن ليس كذلك.
مجلس 2013 اتفقت الأغلبية على انه مجلس بلا انياب، وهذا المجلس ان استمر أداؤه بهذه الطريقة فسيكون مجلسا بلا فم.
مشكلة نواب من نصطلح على تسميتهم بـ«المعارضة» انهم استعجلوا في عقد الصفقات السياسية، والكارثة ان بعضهم استغل تلك الصفقات وعقد صفقات غير سياسية.
تتجسد «الكارما» او العاقبة الاخلاقية في ان بعضا ممن كان يشمت ويلمز ويهمز بنواب مجلس 2013، هو الان يفعل نفس ما كانوا يفعلونه بالضبط وربما «اضرب» مما كانوا يفعلون، ومع هذا مُصر على ان يقنعني بأنه «معارض».
توضيح الواضح: واقعيا المعارضة الحقيقية انتهت منذ مجلس 2009.
[email protected]