كشف استجواب محمد العبدالله الحالة النيابية قبل ان يكشف حالة الحكومة، والواضح ان- وكما تنبأت سابقا- دور الانعقاد القادم سيشهد صراعا نيابيا- نيابيا، وها هو الصراع قد بدأ قبل ان يبدأ دور الانعقاد، وهذه المرة وعلى عكس الصراعات النيابية السابقة ليس للحكومة أي دخل فيه، خاصة انه صراع ليس بين نواب معارضين وآخرين موالين، بل انه صراع بين نواب يفترض بأنهم جميعا من جناح «المعارضة»، وهو ما يؤكد ان الحكومة لا دخل لها لا من قريب ولا من بعيد بإذكاء او إشعال نار الصراع النيابية- النيابية المرتقبة، والتي سيكشف وقائعها بشكل جلي واضح استجواب الشيخ محمد العبدالله.
***
وما سيكشفه ويعمقه الاستجواب ايضا انه سيوضح حجم الصراع بين نواب من تيار سياسي واحد، والذي يبدو ان الخلاف بين اجنحة ذلك التيار وصل حداً سيصل بهم الى الانفصال السياسي التام، وهو امر آخر توقعت ان يكون نهاية حتمية لصراع «حدس» الداخلي الذي بدأ يظهر للعلن منذ الانتخابات الماضية.
***
الاستجواب ايضا سيكشف اصطفافات جديدة بين النواب الراغبين في تقديم استجوابات لوزراء اخرين في محاولات استقطابات بين النواب الراغبين في تقديم استجوابات، ولكن اعتقد ان سياسة «ادعمني في استجوابي وادعمك في استجوابك» لم تعد مجدية في ظل تشكيلة نيابية غير متجانسة على الاطلاق، لا فكريا ولا سياسيا ولا حتى بينها أدنى اتفاق على الخطوط العريضة، وهذا امر سيمنح الحكومة افضلية في التحرك في اي اتجاه تريد لمواجهة اي استجواب.
***
باختصار، حكومة متجانسة الى حد كبير، تواجه مجلسا نيابيا ليس فيه من رائحة التجانس من شيء، ويمكن ببساطة تقسيم نوابه على اكثر من ٩ توجهات سياسية مختلفة متباينة بل ومتضادة، بالإضافة إلى ان الحكومة تملك أغلبية مريحة في حال مواجهة استجواب الشيخ محمد العبدالله او غيره من الوزراء، هذا يعني انها ستعبر الاستجواب بأقل قدر من الأضرار او دفع اي نوع من الترضيات السياسية.
***
مستجوبا العبدالله النائبان العدساني والكندري يراهنان على احتمال حدوث مفاجأة مماثلة قد تحصل كما حدث يوم استجواب الوزير سلمان الحمود، وهو رهان لن يتحقق، لأن ظروف جلسة ٣١ يناير لن تتكرر أبدا، لأنها كانت جلسة بظروف استثنائية وظاهرة غريبة جدا، عامة لن يتكرر ذلك السيناريو اذا كان هذا ما يراهن عليه النائبان الفاضلان.
***
أعتقد ان الاستجواب هدفه تسجيل «نقطة» على لوحة المشهد السياسي، وهو حق للنائبين، وهدفه الأهم هو عمل حالة كشف تسلل لنواب «المعارضة»، اما الشيخ محمد العبدالله فبعيد كل البعد حتى اللحظة عن جلسة طرح ثقة، والنواب الذين من الممكن أن يدخلوا في حسابات توقيع طلب طرح الثقة- رغم أن احداً لم يعلن حتى الآن موقفه- لن يتجاوز بأي حال من الأحوال السبعة نواب، وجمع تواقيع ١٠ نواب لطلب جلسة طرح ثقة بالوزير العبدالله أمر خيالي وليس مستحيلا.
***
ما ذكرته ليس دفاعا عن الوزير ولكنه تشخيص لحالة المجلس السياسية، وعرض لواقع حقيقي نعيشه اليوم، ومرة اخرى من يراهن على ان مجلس ٢٠١٦ افضل من مجلس ٢٠١٣ فهو شخص يعيش حالة من التمني، ولا يعيش الواقع.
***
توضيح الواضح: وقائع الجلسات الاولى لدور الانعقاد القادم ستكون حالات استعراض سياسية ثم تهدأ المسألة قليلا، قبل ان يتجه المجلس الى حالة صدام شاملة.
[email protected]