توقع أحوال الطقس- رغم صعوبته- أسهل وبكثير من توقع الأحداث السياسية، وعامة الأحداث السياسية تشبه طقسها تماما، ففي يوم واحد غبار وحر وبرد ومطر ورياح شديدة، وربما تحدث الظواهر الخمس هذه في أقل من ثماني ساعات، خاصة في أيام موسمي «سبق السرايات» و«السرايات» فخلال هذين الموسمين كل شيء متوقع، ولا يمكن التنبؤ بدقة بما يمكن أن يحدث خلال ساعة.
****
ودور الانعقاد الحالي لمجلس الأمة سيكون بمنزلة موسم سرايات سياسية، وسنشهد معه ما لا يتوقعه احد، وإن مر علينا دور الانعقاد الأول بهدوء إلا من حادثة استجواب وزير الإعلام، وان كان البعض يتصور أن دور الانعقاد الحالي سيكون أكثر هدوءا للسلطتين، فإن هذا ما لا أتوقعه، إذ إننا نعيش مرحلة مشوبة بالحذر والترقب من كل الأطراف من داخل وخارج المجلس، خاصة للاعبين السياسيين الأساسيين الذين لم يحركوا كامل بيادقهم بعد.
وأيضا لثقتي أن الهدوء ليس سمة من سمات الصراع القائم بين الأجنحة السياسية والذي لم يهدأ يوما إلا ليثور مجددا، فهذا يعني حسابيا ومنطقيا أن دور الانعقاد الحالي سيكون مواجهة سياسية شاملة وستشهد مفاجآت، ولكن من يعتقد أن الحكومة لن تستقيل، فهو مخطئ، فالحكومة كانت ولأكثر من مرة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي قاب قوسين أو أدنى من الاستقالة مرتين على الأقل في مقترح كان مطروحا في مناسبتين.
****
وإصرار الحكومة على أن تكمل مسيرتها دون تدوير موسع أو استقالة، سببه عائد إلى أنها لا تريد أن تستقيل أو تشهد تدويرا بسبب استجواب أو ضغط نيابي من كتل تتبنى النفس المعارض، ولكن هذا لا يمنع أن الحكومة يمكن أن تستقيل ويعاد تشكيلها مجددا، بتغيير «شبه جذري» مع المحافظة على الوزراء «الرئيسيين».
****
ليس هذا فقط فإن لم تستقل الحكومة كما أتوقع أو تشهد تدويرا موسعا، فربما يكون الحل السياسي هو حل المجلس الذي سيؤدي بالتالي إلى إعادة تشكيل الحكومة بعد انتخابات جديدة ومجلس جديد.
****
المفاجآت المتوقعة ستكون مع قرب نهاية العام الحالي أو بداية العام القادم، لان الواضح أن المجلس غير متجانس مع نفسه أصلا والحكومة غير مكتملة، وهذا يتطلب حركة تصحيحية، إما بتدوير واسع كما قلت أو استقالة الحكومة أو حل المجلس، والذي لا أعتقد أنه سيكون أطول عمرا من مجلس 2008، وهو مجرد ظن عابر لا يستند إلى معطيات واضحة لأنه لا توجد معطيات أصلا.
ولكن الوضع غير مستقر لا تشريعيا ولا تنفيذيا والتدخل التصحيحي اصبح واجبا لأي من طرفي المعادلة.
****
فأنت تتحدث عن مجلس لم يؤد دوره التشريعي في دور الانعقاد الأول، وحجم الصفقات السياسية التي عقدت بين الأطراف السياسية كلفتها عالية جدا على المؤسسة التشريعية، إذ إنها عطلت الأداة الرقابية الأعلى (الاستجواب)، ومعها أهملت الأولويات التي يسعى إليها المواطن الذي انتخب كل هؤلاء.
****
توضيح الواضح: لابد من حركة تصحيحية تعيد الأمور إلى نصابها، إذ إن الأمور لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل وهو ما لا يخدم أي طرف كان.
[email protected]