توطئة: د.سعاد الصباح ومنذ سنوات تصنف من بين الشخصيات الكويتية التي يوجه لها الديوان الأميري دعوة لحضور افتتاح أي دور انعقاد من دورات مجلس الأمة، لذا كان حضورها بدعوة اعتيادية وليس لتشهد أو تحضر جلسة استجواب الوزير محمد العبدالله.
****
حضور د.سعاد الصباح كان بروتوكوليا، الصدفة أن استجواب «ابنها» الوزير أدرج في جلسة الافتتاح، وحدث ما حدث.
****
د. سعاد، ما شهدتيه هو جزء من الممارسة السياسية، ولن أقول الديموقراطية، لأن هنالك فارقا شاسعا بين المصطلحين، لأننا ومنذ سنوات نمارس السياسة باستخدام الديموقراطية ولا نمارس السياسية بهدف ديموقراطي، والفارق بين الممارستين كالفارق بين الشمال والجنوب.
****
وضريبة الفرق بين الممارستين ندفعها في كل دور انعقاد، وتأتي أحيانا على شكل صراع مغلف بالديموقراطية وأحيانا حرب معلنة تحت رايات الديموقراطية، لذا ما حصل في الجلسة وأساء لك أو وجدت به إساءة لشخصك الكريم، هو جزء من ضريبة ندفعها جميعا كشعب ونالت من شخصيات عديدة بعضهم تم تجريحهم دون أدلة وبعضهم أدين بلا تهمة.
كشعب ندفع ضريبة هذه الممارسة من وقتنا الدستوري من ساعتنا التشريعية، بعد أن يدخلنا البعض إلى صراعات/ استجوابات تأخذ من عمر الجلسات وتسرق وقتا كان يمكن استغلاله في تشريع ما ينفع الناس ويطور من أداء المؤسسات لما فيه خدمة الوطن، الكل يدفع ثمن هذه الضريبة بشكل أو بآخر.
****
د. سعاد، لم أكن أحب أن تكوني في ذلك الموقف، وأعتقد أن كثيرين من المنصفين إنسانيا كانوا يتمنون ذلك، ولكن هذه الديموقراطية بالنكهة الكويتية، سيئة أحيانا وجيدة أحيانا ورائعة أحيانا أخرى.
****
الاستجواب حق لأي نائب، هذا جزء من الوثيقة الدستورية التي تحكمنا، والدستور إما نأخذه كله أو لا نأخذه، ولكن بعضنا للأسف يأخذ بنصوص الدستور ويهمل روحه، لذا تقع الأخطاء ومن بين الأخطاء أن تتعرض شخصية كريمة مثلك لما تعرضت له دون داع أو مبرر أو مسوغ.
****
هنا أيضا لا يمكن أن نرفض ما طرحه المستجوبان كونه جزءا من الممارسة التي تحكمنا قوانينها حتى وإن خرقت الأعراف، كما لا يمكن أن نحجر على من تحدث مؤيدا او معارضا للاستجواب فهذا جزء من العملية/ اللعبة السياسية.
****
د.سعاد، قامتك الأدبية أكبر وبكثير من نطاق دائرة السياسة، واسمك الأدبي يتجاوز الجغرافيا المحلية والإقليمية، وأثرك الشعري أبلغ من مضبطة تلك الجلسة التي كنت أتمنى شخصيا ألا تحضريها.
****
اسمك بالنسبة للكويتيين مسكوك من ذهب السمعة الطيبة، ولا يمكن لحادث عارض كهذا - لم يفترض أن يحدث - أن ينال من قيمة تلك السمعة.
فسامحينا يا د. سعاد فهذه هي ممارستنا للديموقراطية، وكما قلت ديموقراطيتنا متعددة الأوجه، فيها السيئ وفيها الجيد وفيها الرائع، الصدفة وحدها قادت لأن تشهدي حالة ليست بأفضل حالاتها.
****
الاعتذار هنا ليس لشخصك، ولا نيابة عن أي أحد، بل الاعتذار لأن ديموقراطيتنا بهذا الشكل وتأخذ اكثر من شكل وجهة وتضر أحيانا من حيث نعتقد أنها تنفع والعكس صحيح.
****
د.سعاد، تبقين أيقونتنا الشعرية التي نفاخر بها أمام الآخرين.
****
توضيح الواضح: الكل يعلم حقيقة وحجم الصراع السياسي، ولكن الصراع اليوم في دائرة «المسيطر عليه» فلا داعي للتشاؤم.
[email protected]